kawalisrif@hotmail.com

تفكيك شبكة تستغل عمّالاً مغاربة في حقول إسبانيا.. بينهم قاصرون يعيشون في ظروف مهينة

تفكيك شبكة تستغل عمّالاً مغاربة في حقول إسبانيا.. بينهم قاصرون يعيشون في ظروف مهينة

في واحدة من أبرز القضايا التي تعيد تسليط الضوء على معاناة المهاجرين المغاربة في إسبانيا، أعلنت الحرس المدني الإسباني عن تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في استغلال العمّال في وضعية غير قانونية داخل ضيعات فلاحية بمنطقة لاريوخا شمال البلاد.

وحسب المعطيات الرسمية، فقد أسفرت العملية، التي أطلق عليها اسم Landwrt، عن توقيف سبعة أشخاص (ستة رجال وامرأة) يشتبه في تورطهم ضمن شبكة منظمة كانت تستغل ما لا يقل عن 45 عاملاً، من بينهم ثلاثة قاصرين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، جرى تشغيلهم في ظروف لا إنسانية ودون عقود قانونية.

وكشفت التحقيقات أنّ أفراد الشبكة كانوا يستهدفون بالأساس عمّالاً من أصول مغربية يعيشون في وضعية هشاشة قانونية واجتماعية، حيث كانوا يوهمونهم بفرص لتسوية أوضاعهم مقابل العمل لساعات طويلة في الحقول مقابل مبالغ زهيدة، لا تتعدى أحياناً أورو واحداً عن كل كيلوغرام من الفاكهة، أو دون أجر إطلاقاً.

كما تم العثور على بعض الضحايا في مساكن متداعية تفتقر لأبسط شروط الكرامة الإنسانية، حيث كانوا يعيشون في أماكن مكتظة، بلا تهوية ولا مرافق صحية، بل إن البعض منهم كان يُحتجز داخل الغرف بإحكام الأقفال.

وأوضحت مصالح الحرس المدني أنها نفذت عمليات مداهمة لخمس منازل وخمس مستودعات، تم خلالها حجز 22 ألف يورو نقداً، ومجوهرات ووثائق رسمية وعدد من السيارات، فضلاً عن تجميد ست حسابات بنكية مرتبطة بالموقوفين.

ويواجه المتورطون تهم الاتجار بالبشر، والاستغلال غير المشروع للعمّال، والاحتجاز القسري، وتبييض الأموال، والانتماء إلى منظمة إجرامية، وهي جرائم يُنتظر أن تفتح بشأنها النيابة العامة الإسبانية تحقيقاً معمقاً.

تأتي هذه القضية لتعيد إلى الواجهة ملف الاستغلال الممنهج للعمال الموسميين المغاربة في إسبانيا، وما يرافقه من صمت مؤسساتي دولي مريب، رغم الجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة المغربية لحماية رعاياها بالخارج، والدعوات المتكررة إلى ضرورة وضع آليات أوروبية فعالة لمحاربة شبكات الوساطة والاستغلال.

قصة هؤلاء العمّال المغاربة ليست سوى وجه من وجوه الظلم المعولم، حيث يتحول الحلم الأوروبي إلى كابوسٍ من العرق والذلّ في الحقول الباردة. خلف الأرقام الباردة لبلاغات الأمن، تختبئ وجوه متعبة لرجالٍ ونساءٍ حلموا فقط بلقمة كريمة، فوجدوا أنفسهم رهائن لعصابات لا تعرف من الإنسانية سوى اسمها.

إنّ هذه الفضيحة، بما تحمله من مشاهد مؤلمة، تضع أوروبا أمام مرآة قاسية تكشف تناقض شعاراتها عن العدالة وحقوق الإنسان، وتفرض على مدريد، قبل غيرها، أن تنظر بجدّية إلى معاناة من يزرعون خيراتها بعرقهم وصبرهم.

ويبقى السؤال الموجع معلقاً: كم من مغربي آخر سيظل يحصد الذلّ في حقول الغربة، قبل أن تُثمر العدالة يوماً في تربة أوروبا؟

09/10/2025

Related Posts