في مشهد استثنائي ودرامي، تحوّل شاطئ “السفيحة” بجماعة أجدير، نواحي الحسيمة، اليوم، إلى مسرح لعملية إنقاذ بطولية قل نظيرها، بطلها هذه المرة ليس إنساناً، بل ثور ضخم وجد نفسه محاصراً بين أمواج البحر الهائجة. وقد تمكنت عناصر الوقاية المدنية من تسطير صفحة جديدة في سجل التضحية والاحترافية، بعد نجاحها في انتشال الحيوان وإعادته سالماً إلى اليابسة، وسط دهشة وإعجاب الحاضرين.
الثور في مواجهة الأمواج:
بدأت فصول الحادثة بتوافد عدد من المتنزهين والمواطنين على الشاطئ، حيث تفاجأ الجميع بوجود ثور يصارع الأمواج في عمق البحر، في مشهد سريالي أثار موجة من القلق والتساؤلات. الثور، الذي بدا منهكاً ومرتبكاً بفعل التيارات القوية، كان بعيداً عن الشاطئ، ما جعل مهمة إنقاذه تبدو محفوفة بالمخاطر، لا سيما مع ارتفاع منسوب الأمواج وصعوبة السيطرة على حيوان ضخم داخل المياه.
الوقاية المدنية تتدخل باحترافية:
على الفور، حضرت إلى عين المكان فرق الإنقاذ التابعة للوقاية المدنية، والتي أظهرت مستوى عالياً من الجاهزية والمهارة في التعامل مع هذا النوع من الحوادث غير التقليدية. وتطلب إخراج الثور مجهوداً جماعياً كبيراً وتخطيطاً دقيقاً، حيث استغرقت العملية وقتاً في محاولة تطويق الثور، الذي كان يقاوم بفعل الخوف والإجهاد، والعمل على سحبه تدريجياً نحو الشاطئ.
وقد استعان رجال الإنقاذ بالحبال والخبرة للتحكم في الحيوان الضخم داخل المياه، ليتمكنوا في نهاية المطاف من جره إلى بر الأمان. وقد قوبل هذا التدخل السريع والمحترف بتصفيق حار وثناء واسع من قبل الشهود، الذين أشادوا ببسالة وتفاني عناصر الوقاية المدنية التي لم تدخر جهداً في إنقاذ روح، أياً كان نوعها.
السيول وراء الحادث المألوف:
تشير التقديرات الأولية إلى أن الثور يعود لأحد الفلاحين المجاورين للمنطقة. ويُرجّح أن تكون التساقطات المطرية الغزيرة التي شهدتها المنطقة خلال اليوم، وراء هذا الحادث الغريب. فمن المحتمل أن تكون السيول القادمة من أحد الوديان المجاورة قد جرفت الثور نحو الشاطئ، قبل أن يندفع في لحظة هلع نحو البحر. وتُعدّ هذه الفرضية الأكثر منطقية لتفسير وجود حيوان زراعي ضخم في عمق مياه البحر.
رسالة تقدير للتضحية:
بعيداً عن حوادث الغرق البشرية المألوفة التي تسجلها الشواطئ، تُعيد هذه الحادثة تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه فرق الوقاية المدنية، ليس فقط في حماية الأرواح البشرية، ولكن في الحفاظ على الحياة بشكل عام، مؤكدة على أن التدريب المستمر والجاهزية العالية هي سر نجاحهم في مواجهة أصعب المواقف وأكثرها غرابة. وقد غادر الثور الشاطئ بعد الاطمئنان على سلامته، لتبقى قصته دليلاً حياً على بطولة عناصر الإنقاذ بشاطئ أجدير الحسيمة.