غيب الموت أحد أبرز رموز اليسار الجذري بالمغرب، المهندس والمناضل السياسي مصطفى البراهمة، الذي فارق الحياة عن عمر ناهز السبعين سنة، بعد مسار حافل بالنضال الفكري والسياسي، امتد منذ سبعينيات القرن الماضي. عُرف الراحل بمواقفه الجذرية وانتمائه لمنظمة “إلى الأمام” الماركسية السرية، حيث اعتُقل سنة 1985 وصدر في حقه حكم بالسجن عشرين عاماً بتهمة “المؤامرة ضد النظام”، بعد أن واصل مع رفاقه نشاط التنظيم في فترات عصيبة من تاريخ البلاد.
كان البراهمة من الوجوه التي ساهمت في الحفاظ على استمرارية الخط اليساري الراديكالي خلال سنوات الرصاص، قبل أن ينال حريته عقب “العفو الملكي العام” سنة 1994، ليشارك في تأسيس حزب النهج الديمقراطي الذي قاده لاحقاً، وجعل منه منبراً للدفاع عن القيم الاشتراكية والماركسية بقراءة مغربية مستقلة. وقد بدأ مسيرته السياسية ضمن النقابة الوطنية للتلاميذ المنتمية لليسار الجديد الماركسي اللينيني، مستلهماً أفكاره من رموز فكرية بارزة مثل المهندس الراحل أبراهام السرفاتي، الذي كان يعتبره قدوته الأكاديمية والسياسية.
ورغم معاناته الصحية في سنواته الأخيرة، واصل مصطفى البراهمة نشاطه الفكري والعلمي بإصرار لافت، حيث ناقش أطروحة في المعهد الوطني للتعمير والتهيئة، مكرساً بذلك مسيرة رجل جمع بين الالتزام السياسي والمعرفة الأكاديمية. برحيله، يفقد المشهد اليساري المغربي واحداً من أكثر وجوهه ثباتاً على الموقف ووفاءً لقناعاته الفكرية.
13/10/2025
