اضطر قاضي المحكمة الجنائية رقم 2 في سبتة المحتلة إلى تأجيل جلسة محاكمة كانت مبرمجة في إطار ما يُعرف بـ“عملية القرقوبي”، بعد أن تبيّن غياب أحد المتهمين الأربعة، إثر تسليمه بموجب حكم صادر عن المحكمة الجنائية رقم 6 في إشبيلية بسبب قضية أخرى تتعلق بجرائم ضد الصحة العامة، وهو ما حال دون حضوره إلى الأراضي الإسبانية للمثول أمام العدالة.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى شهر ماي من سنة 2023، حين تمكنت فرقة مكافحة الجريمة المنظمة التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية (UDYCO) من تفكيك شبكة إجرامية كانت تنشط بين سبتة المحتلة وإشبيلية، متخصصة في تهريب الأقراص المهلوسة نحو المغرب، في عملية أسفرت عن اعتقال أربعة أشخاص يشتبه في كونهم يشكلون نواة التنظيم الذي كان ينسق عمليات النقل والتوزيع.
التحقيقات، التي امتدت لأشهر، كشفت أن أفراد الشبكة كانوا يحصلون على كميات كبيرة من الأدوية المهدئة عبر وصفات طبية مزورة أو مستخرجة بطرق غير قانونية من صيدليات داخل سبتة المحتلة وفي مدن أخرى من شبه الجزيرة الإيبيرية. بعد ذلك، كانت تلك الأقراص تُهرَّب نحو المغرب داخل سيارات معدة خصيصاً لهذا الغرض، تُحمَّل عادة داخل مستودعات بحي “لوس روساليس” قرب السجن القديم.
وفي إطار تتبع تحركات المشتبه فيهم، نفذت عناصر الشرطة عدة عمليات مراقبة دقيقة انتهت بتوقيف أحد المتهمين في إشبيلية متلبساً بحيازة 720 قرصاً من نوع “ريفوتريل” و60 قرصاً من “كلونازيبام”، قُدّرت قيمتها الإجمالية بنحو 4500 يورو، قبل أن تُنفَّذ الاعتقالات الأربعة بشكل متزامن.
النيابة العامة الإسبانية وجهت للمتهمين تهم الاتجار في المخدرات وتكوين عصابة إجرامية، وطالبت بعقوبة تصل إلى ثلاث سنوات سجناً نافذاً لكل واحد منهم بتهمة الاتجار، وسنة إضافية لثلاثة منهم بتهمة التنظيم الإجرامي، فيما تتابع إجراءات المحاكمة في ظل غياب أحد المتهمين بعد تسليمه خارج التراب الإسباني.
القضية تأتي في سياق تصاعد ملحوظ في تهريب الأقراص المهلوسة خلال تلك الفترة، إذ تشير التقارير الأمنية إلى أن سعر القرص الواحد من “ريفوتريل” الموجَّه إلى المغرب كان قد بلغ حوالي ثمانية يوروهات، نظراً للطلب المتزايد على مادة “القرقوبي”، وهي خليط قاتل من الأقراص المهدئة والحشيش ومواد أخرى، يخلّف آثاراً مدمرة على الصحة والعقل.
تزايد الإقبال على هذه المادة في الضفة الجنوبية من المتوسط جعل من تهريب الأقراص المهدئة تجارة مربحة لشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط على محور سبتة للمحتلة – المغرب – إشبيلية، حيث يتم تبادل الحشيش القادم من المغرب مقابل الأدوية القادمة من إسبانيا، في تجارة قاتلة تستنزف المجتمع على جانبي الحدود وتضع الأجهزة الأمنية أمام تحدٍّ مستمر في مواجهة هذا المسار المزدوج للتهريب.
14/10/2025