في خطوة تعيد إلى الأذهان مشاهد “الدبلوماسية الغريبة” التي طبعت ولايته الأولى، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليغازل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، معلنًا استعداده الكامل للقاء جديد معه، ومقرًّا ضمنًا بما وصفه بـ“قوة نووية نوعاً ما” تمتلكها بيونغ يانغ.
وجاء تصريح ترامب قبل مغادرته واشنطن في جولة آسيوية تشمل اليابان وماليزيا وكوريا الجنوبية، حيث قال للصحفيين: “أنا منفتح مئة في المئة على الحوار مع كيم، علاقتي به جيدة جدًا، ونحن نتفق في الكثير من الأمور”.
تصريح بدا، في نظر مراقبين، أكثر ليونة مما عرف به الرئيس الأمريكي السابق، الذي كان قد تبادل قبل سنوات “التهديدات النارية” مع كيم قبل أن يتحول فجأة إلى صديقٍ يعبر الحدود الكورية لالتقاط الصور.
لكن التصريح الذي أثار عاصفة من الجدل هو قول ترامب على متن الطائرة الرئاسية: “أعتقد أنها قوة نووية نوعاً ما… لديهم الكثير من الأسلحة النووية، يمكنني أن أقول ذلك”.
كلمات قليلة لكنها كفيلة بإحداث زلزال في أروقة السياسة الأمريكية، إذ فُهم منها أنها أول اعتراف ضمني من واشنطن بواقع كوريا الشمالية كقوة نووية قائمة، وهو ما يتناقض مع عقود من الموقف الأمريكي الثابت الذي يشترط “نزع السلاح النووي الكامل” لأي اتفاق مع بيونغ يانغ.
يُذكر أن آخر لقاء بين ترامب وكيم كان سنة 2019 بالمنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، حيث عُقدت ثلاث قمم متتالية انتهت جميعها دون اتفاق. ومنذ ذلك الحين، تبنت بيونغ يانغ موقفًا أكثر تشددًا، معتبرة وضعها النووي “نهائيًا وغير قابل للتراجع”، كما صرّح كيم مؤخرًا أنه “منفتح على الحوار إذا هم من تخلت واشنطن عن وهم نزع سلاحنا النووي بالقوة”.
يرى محللون أن عودة ترامب للحديث عن كيم في هذا التوقيت تعكس رغبة في كسر العزلة الدبلوماسية التي يعيشها البيت الأبيض الجديد بعد سلسلة التوترات الدولية، خصوصًا مع الصين وروسيا. كما أن تليين الخطاب تجاه بيونغ يانغ قد يكون محاولة لاستمالة شرق آسيا وفتح باب التوازن في مواجهة المحور الصيني-الروسي المتنامي.
وفي انتظار ما إذا كان اللقاء المنتظر بين “الزعيمين غير التقليديين” سيتحقق، تبقى كوريا الشمالية ماضية في تطوير ترسانتها النووية، فيما يواصل ترامب عزفه المنفرد على وتر “الصفقات المستحيلة” التي قد تعيد واشنطن إلى قلب المشهد الآسيوي… أو تُغرقها في فوضاه من جديد.
26/10/2025











