kawalisrif@hotmail.com

ضمنهم ضحايا :   معتقلو إسكوبار الصحراء  … خيوط متشابكة بين البراءة والاتهام في قضية تهزّ الثقة في العدالة !!

ضمنهم ضحايا : معتقلو إسكوبار الصحراء … خيوط متشابكة بين البراءة والاتهام في قضية تهزّ الثقة في العدالة !!

ليست كل القضايا تُقرأ من ظاهرها، ولا كل الملفات تُقاس بما يعلو سطحها من ضجيج، فبعضها أشبهُ بفيلمٍ من أفلام الحكاية الغريبة ، حيث تتماهى الحقيقة مع الوهم، ويتحول العدل إلى متهم، والاتهام إلى ظلالٍ تلاحق الجميع.

قضية “إسكوبار الصحراء” لم تعد مجرّد ملف جنائي عابر، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس صورة مغربٍ يختبرُ صلابته المؤسسية، ومناعة قضائه أمام شبكات النفوذ الخفي، والمال الذي يتكلم بلغة السلطة والصمت في آنٍ واحد.

في قلب هذه المتاهة القانونية، تبرز أسماء ثقيلة كانت تُعتبر إلى عهدٍ قريب من ركائز المشهد السياسي والاقتصادي بالجهة الشرقية والدار البيضاء : عبد النبي بعيوي، وسعيد الناصري ، وشقيق الأول عبد الرحيم بعيوي، وصهرهما قاسم المير، البرلماني السابق وغيرهم …

ورغم أن أصابع الاتهام “شبه المؤكد” لا تزال تلاحق بعض الأسماء ذات الوزن، فإن الملف يشمل أيضاً أكثر من ثمانية معتقلين آخرين لا تبدو تهمهم سوى ظلالاً جانبية: مكالمة هاتفية عابرة، لقاء غير مقصود، أو توقيع إداري على وثيقة قادتهم إلى قلب العاصفة ، تم تكييفها كالمشاركة في التزوير ، دون وعيٍ منهم بما يُحاك في الخلفية.

القضية هنا تتجاوز الأسماء، لتطرح سؤالاً جوهرياً : هل العدالة تُحاكم الجرائم أم تُحاكم القرب من المتهمين ؟

ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن تُبنى الأحكام على الأدلة لا على الانطباعات، تتصاعد أصوات تطالب بفرزٍ دقيق بين من تورّط فعلاً ومن حُمّل وزر الظلال.

تُروى اليوم قصص مأساوية لعائلاتٍ وجدت أبناءها في قفص الاتهام دون جرمٍ واضح، سوى أنهم مرّوا في طريقٍ تلامس خيوط “إسكوبار الصحراء”.

أحد أقارب المعتقلين صرّح قائلاً: “القضية تحوّلت إلى غربالٍ واسع، حُشر فيه الأبرياء قبل أن تُحدَّد معالم الجريمة الحقيقية.”

في المقابل، يبرر بعض القانونيين هذا البطء بالقول إن “التريّث ليس ضعفاً، بل ضرورة في ملفٍ متشعبٍ تمسّ جذوره المال والسياسة والحدود.”

فـ “إسكوبار الصحراء” ليست مجرد تسمية صحفية، بل شبكة مالية ضخمة تمتد خيوطها من الموانئ إلى الصفقات، ومن مشاريع التنمية إلى غرف القرار المظلمة، حيث يذوب الخط الفاصل بين المال العام والمال الخاص.

الملف لم يعد اختباراً لبراءة أو إدانة أفراد، بل امتحاناً شاقاً لمؤسسات الدولة نفسها : هل تستطيع العدالة أن تقف على مسافة واحدة من الجميع؟

بين ضغط الرأي العام الذي يطالب بتسريع الأحكام، وحرص القضاة على التمحيص والتثبت، يقف المتابع المغربي في انتظار ما يشبه “اللحظة الفاصلة” التي ستحدّد إن كانت العدالة قادرة على فصل الحقيقة عن الضباب ، والفصل بين المتورطين الحقيقيين وبين من ذهب ضحية للجدل نفسه خلف القضبان ….؟  ودون أن تسقط في فخ التسييس أو الانتقائية.

فالقضية، في جوهرها، ليست عن المخدرات وحدها، بل عن الحدود الرمادية بين المال والسياسة، وعن مدى قدرة الدولة على تطهير مؤسساتها دون أن تُصيب الأبرياء برصاص الاشتباه.

 

26/10/2025

Related Posts