kawalisrif@hotmail.com

“حلم الزواج بالأجنبي”… وهم عابر للحدود يُسقط جزائريات في فخ الاحتيال

“حلم الزواج بالأجنبي”… وهم عابر للحدود يُسقط جزائريات في فخ الاحتيال

في مشهد بات يتكرر في أكثر من بلد مغاربي، يتهاوى حلم “الزواج بالأجنبي” أمام واقع مرير من الخداع والاستغلال، بعدما تحوّل الأمل في حياة جديدة إلى وسيلة تُتاجر بها شبكات افتراضية تُحكم حبكتها لإغواء نساء يعشن تحت وطأة الهشاشة الاجتماعية أو الطموح للهجرة والعيش بكرامة.

في الجزائر، دقّ حقوقيون ناقوس الخطر بعد تسجيل تزايدٍ مقلقٍ لحالات نساء وقعن ضحايا وعود كاذبة بالزواج من أجانب – خصوصاً من الجنسية التركية – عبر وسطاء مجهولين على شبكات التواصل الاجتماعي، ليكتشفن في النهاية أن ما بدا “فرصة عمر” لم يكن سوى فخ محكم لسرقة الأموال أو استغلال العواطف.

الحقوقية فتيحة رويبي نبهت إلى أنّ مجموعات مغلقة على مواقع التواصل، تُدار من جهات مشبوهة، أصبحت سوقاً سوداء للوساطة في الزواج مقابل مبالغ مالية، مستغلة هشاشة بعض النساء ورغبتهن في الهجرة وتحسين أوضاعهن.

وفي شهادات مؤلمة، روت ضحايا كيف انخرطن في تواصل مع “وسطاء زواج” وعدوهن بإتمام إجراءات رسمية وسفرٍ آمن نحو تركيا، قبل أن يختفين بعد تسلم مبالغ مالية متفاوتة. إحداهن قالت إن الحلم انقلب كابوساً بعدما فقدت مدخراتها، وأُصيبت بانهيار نفسي وهي تدرك أنها لم تكن سوى رقم في قائمة طويلة من الضحايا.

هذه القصص لا تخص الجزائر وحدها، بل تعكس ظاهرة مغاربية آخذة في التوسع، إذ باتت صفحات “الزواج المختلط” تستقطب فتيات من المغرب وتونس وليبيا، بين راغبة في الهجرة وراغبة في الاستقرار، في ظل انسداد الأفق الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والعزوف عن الزواج المحلي.
ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة تُبرز ضعف الوعي الرقمي والقانوني، وغياب ثقافة الحذر في التعامل مع الغرباء عبر الإنترنت، وهو ما يجعل “الحلم الرومانسي” يتحول إلى “كمين افتراضي” يترك ندوباً اجتماعية ونفسية عميقة.

الحقوقيون دعوا السلطات إلى تشديد الرقابة على المنصات التي تروّج لمثل هذه “الصفقات” وإطلاق حملات توعية رقمية تستهدف النساء خصوصاً، إلى جانب تسهيل الوصول إلى استشارات قانونية مجانية عبر القنصليات والمراكز النسوية.

وأكدت رويبي أن الزواج ليس مشروع هجرة ولا باباً للربح السريع، بل “ميثاق غليظ” يقوم على المودة والمسؤولية، لا على الوساطة المشبوهة والاتفاقات المالية.

من زاوية مغربية، تُعيد هذه الوقائع التذكير بخطورة استغلال الفضاء الرقمي لتقويض القيم الاجتماعية وبيع الأحلام في “أسواق إلكترونية”، تُتاجر بالعواطف مثلما تُتاجر بالبضائع.

وإذا كان المغرب قد واجه ظواهر مماثلة من “زواج المصلحة” أو “الزواج الافتراضي”، فإن الوقت حان لتوحيد الجهود المغاربية في مجال الأمن الرقمي الأسري، وتحصين النساء عبر التربية والتشريعات والرقابة، لأن الاحتيال على الحلم أخطر من سرقة المال، ولأن كل “آمال” سقطت في الفخ هي جرس إنذار لمجتمعٍ مهدد بأن تُباع فيه الأوهام على أنها خلاص.

28/10/2025

Related Posts