kawalisrif@hotmail.com

حرب العصابات تشلّ ريو دي جانيرو … البرازيل على صفيح ساخن بعد مقتل 64 شخصاً في عملية أمنية غير مسبوقة

حرب العصابات تشلّ ريو دي جانيرو … البرازيل على صفيح ساخن بعد مقتل 64 شخصاً في عملية أمنية غير مسبوقة

اهتزت مدينة ريو دي جانيرو على وقع يومٍ دموي أشبه بمشهد من أفلام العصابات، بعدما تحوّلت شوارعها إلى ساحات مواجهة بين قوات الأمن وأفراد ما يُعرف بـ”القيادة الحمراء” (Comando Vermelho)، إحدى أعتى التنظيمات الإجرامية في البرازيل.

العملية الأمنية، التي شارك فيها أكثر من 2500 شرطي واستهدفت أحياء الفافيلا “بينيّا” و”أليمان”، انتهت بمقتل 64 شخصاً واعتقال 81 آخرين، في ما وصفته الصحافة المحلية بأنه “أكثر التدخلات الأمنية دموية في تاريخ المدينة”.

ولم تمضِ ساعات على انتهاء العملية حتى أعلن التنظيم الإجرامي حالة العصيان، فاستولى على أكثر من 50 حافلة للنقل العمومي وأحرقها في الشوارع، فيما أُجبرت جامعات ومدارس على إغلاق أبوابها خوفاً من اندلاع اشتباكات جديدة.

ووجد سكان المدينة أنفسهم أمام مشهد فوضوي خانق : طرقات مقطوعة، ومحطات مترو مكتظة، وشائعات تنتشر بسرعة النار في الهشيم عبر شبكات التواصل.

العمدة إدواردو باييس حاول طمأنة المواطنين، معلناً أن “ريو لن تكون رهينة بيد العصابات”، وداعياً إلى الحفاظ على نشاط المؤسسات العمومية وعدم السماح بانهيار الحياة اليومية.

لكن الواقع، كما نقلته عدسات الإعلام، كان أكثر قسوة: المدينة العملاقة تحولت إلى ثكنة محاصرة بالدخان والخوف، فيما وُضعت السلطات في حالة تأهب قصوى.

العنف المسلح في الأحياء الفقيرة ليس جديداً على البرازيل، غير أن هذه الموجة الأخيرة أعادت طرح الأسئلة حول فشل السياسات الأمنية المعتمدة، التي غالباً ما تخلّف عشرات القتلى دون معالجة جذور الأزمة: الفقر، والتمييز الاجتماعي، وغياب التنمية في ضواحي المدن الكبرى.

ويرى خبراء أمنيون أن القيادة الحمراء التي نشأت في ثمانينيات القرن الماضي داخل السجون البرازيلية، استطاعت أن تتحول إلى إمبراطورية مالية مسلحة تمتد من ريو إلى غابات الأمازون، وتتحكم في مسالك تهريب السلاح والمخدرات نحو أوروبا وإفريقيا.

الخبر ليس بعيداً عن القارئ المغربي؛ فالتحديات الأمنية العابرة للقارات تجعل من مكافحة شبكات المخدرات أولوية دولية.

وإذا كانت البرازيل اليوم تعاني من “تمرد العصابات”، فإن المغرب نجح بفضل سياساته الاستباقية وتعاون أجهزته الأمنية في تفكيك عشرات الشبكات الإجرامية العابرة للحدود، التي تتخذ من إفريقيا وأمريكا اللاتينية ممراً رئيسياً نحو أوروبا.

لكن الدرس البرازيلي يذكّر بأن القبضة الأمنية وحدها لا تكفي، وأن التنمية، والتعليم، وخلق بدائل للشباب تبقى الركائز الحقيقية لمحاربة الجريمة.

 

29/10/2025

Related Posts