في سبتة المحتلة، لا تمرّ أيام دون أن يطلّ علينا خبر جديد عن تهريب المخدرات، وكأن المدينة أصبحت مختبرًا مفتوحًا لتجار المخدرات على الحدود الإسبانية والموانئ التي يفترض أنها مراقبة بدقة. آخر هذه الوقائع كشفها القضاء الإسباني، حين حكم على مواطن من قادس، يبلغ من العمر 70 عامًا، بالسجن أكثر من أربع سنوات بعد ضبطه متلبسًا بتهريب 562 كيلوغرامًا من الحشيش مخبأة في سيارة متنقلة (كارافان) كان يسكنها مع ابنته، التي أفرج عنها لاحقًا بعد إثبات براءتها.
الواقعة تكشف بوضوح مدى تعقيد أساليب التهريب، من توزيع المخدرات في قطع صغيرة ومغلّفة لتضليل الكلاب البوليسية، إلى استغلال المركبات كأدوات للجريمة، فيما يظهر القضاء الإسباني وكأنه يكتفي بالمعالجة الجزئية، دون أن يواجه الأسباب الجذرية لهذه التجارة العابرة للحدود. ومن هنا، يظهر بوضوح أن المغاربة المقيمين في الثغر المحتل يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع واقع أمني هش ومخاطر يومية متزايدة.
التهريب لا يؤثر على الدولة الإسبانية فقط، بل يلقي بظلاله على المجتمع المغربي المقيم في المدينة المحتلة. فالعديد من الأسر المغربية تعتمد على العمل الشريف والعيش الكريم، لكنها تعيش تحت ضغط دائم نتيجة هذه الظواهر، وسط مخاطر التورط أو الاصطدام بالقانون الإسباني الذي قد يكون قاسيًا لا يتسامح مع أي انزلاق. كل تجاوز أو تصرف فردي ينعكس على سمعة الجالية المغربية كلها، ويزيد من معاناتها اليومية في حيّز مغلق بين الأمن والتهريب.
الحقيقة المرّة أن سبتة المحتلة ليست مجرد ثغر إسباني على أرض مغربية، بل أصبحت رمزًا للفوضى القانونية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يتقاطع تهريب المخدرات مع هشاشة الأمن، وغموض الرقابة الإسبانية، وانعكاسات ذلك على المغاربة المقيمين هناك. كل يوم يثبت أن الجالية المغربية في المدينة محتاجة أكثر من أي وقت مضى إلى اليقظة والالتزام بالقانون، وإلى حماية سمعتها من الانزلاق في دوامة الجريمة العابرة للحدود.
سبتة المحتلة ليست مجرد موقع جغرافي، بل تجربة سياسية واجتماعية صادمة تكشف إخفاق السلطات الإسبانية في ضبط الحدود ومكافحة التهريب. المغاربة المقيمون هناك مطالبون بالوعي والتحلي بالمسؤولية، فلا مكان للغفلة، ولا مجال للتسامح مع الانزلاق في عالم المخدرات الذي قد يلتهم كل ما بناه أبناء الجالية عبر سنوات طويلة من العمل والصبر. هذه ليست مجرد دعوة للحذر، بل صرخة سياسية مغربية واضحة: الثغر محتلة والأمن هش، والمغاربة وحدهم من يمكنهم الحفاظ على كرامتهم وسمعتهم وسط فوضى القوة الإسبانية والتهريب العابرة للحدود.
30/10/2025











