kawalisrif@hotmail.com

مالي على حافة الهاوية.. القاعدة تُحاصر باماكو والعالم يترقب سقوط الدولة

مالي على حافة الهاوية.. القاعدة تُحاصر باماكو والعالم يترقب سقوط الدولة

تشهد دولة مالي واحدة من أكثر فصولها دموية واضطرابًا منذ استقلالها، وسط تصاعد المخاوف الإقليمية والدولية من انهيار شامل للدولة التي يحكمها مجلس عسكري منذ انقلاب 2020، في وقتٍ باتت فيه العاصمة باماكو شبه محاصرة من قبل الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة.

فقد أحكمت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، المرتبطة بالقاعدة، قبضتها على مناطق شاسعة من البلاد، وفرضت فيها نظامًا صارمًا يستند إلى تفسير متشدد للشريعة. منذ شهرين تقريبًا، شنت الجماعة حصارًا خانقًا على العاصمة باماكو عبر استهداف قوافل الوقود القادمة من دول الجوار، مما تسبب في نقص حاد في الطاقة وارتفاع الغضب الشعبي داخل المدينة التي يعيش فيها أكثر من أربعة ملايين نسمة.

ورغم تأكيد محللين أن التنظيم غير قادر فعليًا على اقتحام العاصمة أو إسقاط المجلس العسكري، إلا أن الانهيار الداخلي يلوح في الأفق مع تفاقم الأزمات المعيشية وتصاعد التذمر داخل صفوف الجيش. وتحدثت تقارير عن إمكانية حدوث انقلاب جديد داخل المؤسسة العسكرية، وهو ما قد يفتح الباب أمام توسع غير مسبوق للمتمردين في عمق الدولة.

الهجمات لا تأتي فقط من الأرض؛ فقد أكد معهد “مشروع مكافحة التطرف” أن الجماعات الجهادية باتت تستخدم طائرات مسيّرة في ضرباتها ضد الجيش المالي، ما أدى إلى ارتفاع الخسائر البشرية والمادية في صفوف القوات النظامية.

في المقابل، تواصل قوات فاغنر الروسية السابقة –التي أعادت موسكو تنظيمها تحت مسمى “كتائب إفريقيا”– دعم المجلس العسكري، لكن دون نتائج ملموسة على الأرض. بل إن تحالف باماكو مع موسكو زاد من توتر العلاقات مع الغرب، خصوصًا بعد انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية من المنطقة.

ولا تبدو مالي وحدها في مرمى الخطر؛ فالنيجر وبوركينا فاسو تواجهان مشاهد مشابهة، بعدما أطاحت الانقلابات بالحكومات المنتخبة وتوسعت الجماعات المتطرفة على الحدود المفتوحة بين هذه الدول.

وفي تصريح نقلته وكالة “رويترز”، قال دبلوماسي رفيع: “إذا سقطت مالي، سيسقط معها كل شيء. انهيارها سيؤدي إلى تفكك تحالف دول الساحل بأكمله، وخلق فراغ أمني خطير في قلب إفريقيا.”

الولايات المتحدة وألمانيا واليابان ودول أخرى سارعت إلى إصدار تحذيرات عاجلة لمواطنيها بمغادرة مالي فورًا، في ظل أزمة وقود وكهرباء خانقة وتوقف شبه كامل للمؤسسات التعليمية.

من الرباط إلى باماكو، يتابع المغرب عن كثب هذا الانزلاق الخطير في منطقة الساحل، لما له من تداعيات مباشرة على الأمن الإقليمي وشبكات التهريب والهجرة. فالساحل لم يعد فقط مسرحًا لصراع محلي، بل مختبرًا لصدام دولي صامت بين القوى الكبرى، حيث تتقاطع المصالح الروسية والفرنسية والأميركية على أرضٍ أنهكتها الحروب والانقلابات.

وإذا استمر الانقسام والصراع المسلح داخل مالي، فإن المنطقة برمتها قد تجد نفسها أمام انفجار جيوسياسي جديد يهدد أمن إفريقيا الغربية والمغرب العربي على حد سواء.

ما يحدث في مالي اليوم ليس مجرد أزمة داخلية، بل هو جدار آخر يتهاوى في منظومة الأمن الإفريقي. بين تمردات الطوارق، وتطرف القاعدة، ومغامرات المرتزقة، يختنق بلد بأكمله تحت أنقاض الصراعات، فيما يظل المواطن المالي رهينة حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

مالي على الحافة.. والعالم يتفرج على “الساحل” وهو يحترق ببطء.

04/11/2025

Related Posts