في خطوة تعبّر عن تمسك الجالية المسلمة في مدينة الجزيرة الخضراء بحقوقها الدينية، أعلنت جمعية “الرحمة” الإسلامية، برئاسة محمد الكمّاس المقدّم، عن عزمها اللجوء إلى المحكمة العليا الإسبانية، للطعن في قرار صادر عن المحكمة العليا للأندلس (TSJA) بتاريخ 29 أكتوبر 2025، والمتعلق برفض تخصيص مساحة للمسلمين داخل المقبرة البلدية “بوتافويغوس”.
وقالت الجمعية في بيان رسمي إنها لا تطالب بإنشاء مقبرة خاصة للمسلمين، بل فقط بـ تخصيص ركن داخل المقبرة البلدية يتيح للمواطنين المسلمين دفن موتاهم وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، مؤكدين أن مطلبهم يستند إلى اتفاق التعاون الموقع بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية سنة 1992، والذي يضمن المساواة في الممارسات الدينية.
وأوضحت الجمعية أن بلدية الجزيرة الخضراء تبرر الرفض بـ”أسباب تقنية وصحية”، لكنها شددت على أن القانون الأندلسي الخاص بالدفن (المادة 21.4) يسمح بإعفاء المسلمين من استعمال التابوت “شريطة عدم وجود خطر صحي”، ما يعني أن العائق الحقيقي ليس قانونياً ولا بيئياً، بل سياسي بحت.
كما نفت “الرحمة” ما صرّح به رئيس البلدية بشأن وجود مساحة معدّة مسبقاً للدفن الإسلامي، مؤكدة أنه “لا يوجد أي فضاء رسمي مهيأ ولا أي مسطرة إدارية تسمح بذلك”، مضيفة أن لولا غياب هذا التنظيم لما اضطُرّت الجمعية إلى اللجوء للقضاء.
وأشارت الجمعية إلى أن قرار المحكمة الأندلسية ركّز فقط على “المساطر الإدارية”، دون أن يمسّ جوهر الحق في حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، مؤكدة أن محاكم إسبانية أخرى سبق أن اعترفت بشرعية مطالب مماثلة. ولهذا، فإنها بصدد إعداد طعن بالنقض أمام المحكمة العليا دفاعاً عن حقوق الجالية المسلمة “في إطار القانون واحترام المؤسسات”.
وقال رئيس الجمعية محمد الكمّاس المقدّم في تصريح مؤثر: “نطالب فقط بحق بسيط تكفله القوانين: أن نودّع موتانا وفق عقيدتنا وفي مدينتنا، لا أن نُجبر على نقلهم إلى مدن أخرى”.
وأضاف أن غياب فضاء مخصص للمسلمين داخل المقبرة البلدية “يؤدي إلى معاناة إنسانية ومادية كبيرة لعشرات الأسر التي تضطر إلى نقل جثامين أحبّتها لمسافات طويلة”.
هذه الخطوة تعكس، بحسب مراقبين، تنامي وعي الجالية المغربية والمسلمة بإسبانيا بحقوقها الدستورية، وإصرارها على ممارسة شعائرها الدينية في إطار القانون واحترام قيم التعايش. كما تضع السلطات المحلية أمام اختبار حقيقي في ترجمة مبادئ الحرية الدينية والمساواة إلى واقع ملموس داخل مؤسسات الدولة، بعيداً عن أي تمييز.
“قضية المقبرة الإسلامية في الجزيرة الخضراء ليست نزاعاً عقارياً، بل قضية كرامة واعتراف واحترام للإنسان في لحظة وداعه الأخيرة.”
05/11/2025











