بعد ست سنوات من الغياب، يعود مهرجان اللوز في جماعة أكنول بإقليم تازة (في نسخته التاسعة) وسط ترقّب كبير من قِبل السكان المحليين والفاعلين الجمعويين والاقتصاديين. لكن هذه العودة تثير أكثر من تساؤل حول كيفية الإعداد، وبرمجة الفعالية، ومدى إشراك الكفاءات المحلية في صياغة رؤية تجعل من هذا الحدث رافعة تنموية حقيقية—وليس مجرد مظاهرة موسمية.
أولاً، في ما يخص البرمجة والتحضير: هل جرى فعلاً فتح نقاش حقيقي مع المجتمع المدني والكفاءات المحلية؟ يبدو أن الأمر تمّ داخل أروقة ضيقة، بعيداً عن مشاركة حقيقية لتلك الفعاليات التي تعرف عمق الأرض وحاجات الساكنة. بتوظيف مكتب دراسات خارجي في صياغة البرنامج، يصبح المهرجان في هذه الحالة أشبه بـ «قطعة تُقسّم» بين جهات معينة، بدلاً من مشروع جماعي ينبع من الواقع اليومي للمنطقة.
ثانياً، مشاركة الجمعيات والتعاونيات: من الناحية النظرية، تعد مشاركة أكثر من مائة جمعية وتعاونية – منها نحو 40 إقليمية و60 على المستوى الوطني – مكسباً ممتازاً. لكن السؤال الأهم: هل ستُمنح التعاونيات المحلية حقاً الفرصة لعرض منتجاتها والترويج لها؟ أم أنها ستكون مجرد أرقام ضمن العدد، أمام تعاونيات من خارج الإقليم تملك خبرة وتجهيزات وهوية بصرية قوية؟ بهذه الطريقة قد تُهدر فرص التنمية الحقيقية.
ثالثاً، موضوع المنافسة والتسويق: منطقي أن يكون الهدف التسويق المحلي لمنتج اللوز ومشتقاته، وتشجيع التعاونيات النسائية والشبابية على التثمين والإنتاج. لكن غياب خطة تسويق واضحة، وضعف التواصل مع المستهلك المحلي والوطني، يجعل الفائدة من الحدث محدودة. من هو فعلياً المستهلك المستهدف؟ وهل أُطلقت حملات إعلامية حقيقية لجذب الزوار والزبائن؟ أم أن المهرجان سيبقى نشاطاً محلياً ضيق الأثر؟
رابعاً، الكلفة المالية وشفافية الصرف: يحتاج الأمر لوضوح تامّ في الموارد العمومية التي يتم إنفاقها؛ فالثقة بين المواطنين والجهات المنظمة تُبنى على الشفافية. الإعلان عن مصادر التمويل وكيفية صرفها ليس ترفاً، بل ركيزة لجدوى هذا النوع من المبادرات.
خامساً، القيمة المضافة للمنطقة: لا ينبغي أن يكون المهرجان هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة لبلورة الهوية الثقافية لـأكنول، وتعزيز السياحة الجبلية، وإتاحة آفاق للشباب في التسويق الرقمي والتعاونيات الإنتاجية. لكن ذلك لن يتحقق إلا بإشراك الجميع — المنتخبين، الجمعيات، التعاونيات، الكفاءات المحلية، والساكنة — في التخطيط والتنفيذ، بدل أن تبقى المبادرة مرتبة من الأعلى فقط.
ويبقى المهرجان ليس غاية—إنما وسيلة لخدمة الإنسان والمجال. فهل سنرى نسخة 2025 من مهرجان اللوز تُعيد الثقة في جدوى المهرجانات، وتضع حجر الأساس لتنمية حقيقية في أكنول؟ أم أن الأمر سيبقى مجرد واحد من تلك المشاهد الموسمية التي تختفي بانتهاء الاحتفال؟
08/11/2025











