علمت كواليس الريف من مصادر موثوقة أن فرق المفتشية العامة للمالية كثّفت من وتيرة تحقيقاتها بخصوص قرارات فسخ “متسرعة” اتخذتها مؤسسات ومقاولات عمومية، وأدت إلى خسائر مالية معتبرة بعد انتقال عدد من النزاعات المرتبطة بهذه الصفقات إلى القضاء، الذي أصدر أحكاماً تلزم هذه المؤسسات بأداء تعويضات مهمة. وجاء هذا التحرك عقب إشعارات من آمرين بالصرف وتقارير افتحاص داخلية أنجزتها مؤسستان عموميتان ومقاولة يوجد مقرها بالدار البيضاء، كشفت عن اختلالات تدبيرية في مساطر التسلم المؤقت والنهائي وتتبع الأشغال والتوريدات، رغم الاستعانة بمكاتب دراسات وسندات طلب موازية.
وأظهرت التحقيقات، وفق مصادر الجريدة، تورط موظفين ومسؤولين عموميين في رفع تقارير غير دقيقة حول تقدم الأشغال وجودة التوريدات، ما أدى إلى اتخاذ قرارات فسخ غير مبنية على أسس موضوعية أو قانونية. وقد سارعت الشركات المتضررة إلى اللجوء إلى مكاتب قانونية ومحامين متخصصين، واستعانت بمفوضين قضائيين لإجراء المعاينات اللازمة قبل اللجوء إلى الخبرة القضائية لإثبات الأضرار. كما تمتد عمليات الافتحاص الحالية لتشمل قرارات تراجع عن فسخ صفقات بعد تعطيل مشاريع حيوية لفترات طويلة، وهو ما كشف ضعف منظومات التدبير الداخلي للطلبيات العمومية داخل عدد من المؤسسات، خاصة في الصفقات ذات الطابع الاستعجالي التي لم تتضمن شروطاً تقييدية تحيل إلى التحكيم خلال النزاعات.
ويؤطر مرسوم الصفقات العمومية لسنة 2013 حالات فسخ العقود وفق مواد دقيقة تنص على توثيق الإخلالات وتوجيه الإنذارات وتقييم الوضعية من قبل لجان تقنية قبل إصدار القرار النهائي، مع تحديد الآثار القانونية المترتبة على كل حالة. غير أن مفتشي المالية وقفوا على عدم التزام إدارات عمومية بهذه المساطر، إذ لم تصدر “أوامر خدمة” لمقاولين أخلّوا بالتزاماتهم، كما لم توجه إليهم إعذارات قانونية داخل الآجال المعمول بها، وهي إجراءات كان من شأنها تمكين أصحاب المشاريع من فسخ العقود دون تبعات أو مسؤولية قانونية، وحماية المال العام من النزاعات والتعويضات المكلفة.
22/11/2025











