kawalisrif@hotmail.com

أزمة العبور التجاري بين مليلية وسبتة مع المغرب … شلل يتعمّق وارتباك إسباني كبير

أزمة العبور التجاري بين مليلية وسبتة مع المغرب … شلل يتعمّق وارتباك إسباني كبير

تعيش سبتة ومليلية واحدة من أعمق الأزمات الاقتصادية منذ عقود. فممرات الجمارك، التي كانت تعج بالحركة، تحوّلت اليوم إلى فضاءات شبه فارغة. ويعود ذلك إلى غياب رؤية من مدريد، مقابل شدٍّ مغربي محسوب يهدف إلى إعادة ضبط قواعد اللعبة التجارية مع الثغرين.

منذ انتهاء عملية عبور المضيق قبل شهرين، لم تستعد الجمارك التجارية نبضها المعتاد. الفاعلون الاقتصاديون الإسبان يصفون الوضع بأنه “إغلاق غير معلن”، فيما تعتبر الرباط أن المرحلة انتقالية، سببها تردّد مدريد في احترام السيادة المغربية، وضبط الفوضى التجارية التي كانت تُغذّي اقتصاداً موازياً على حساب المغرب.

الأزمة الجمركية تتزامن مع برود سياسي واضح. فمنذ فبراير 2023 لم يُستقبل رئيس الحكومة الإسبانية في الرباط، كما غابت اللقاءات الملكية لسبع سنوات كاملة. ورغم الخطاب الإسباني حول “مرحلة مثالية”، بقيت النتائج على الأرض شبه منعدمة، ما دفع مدريد للاعتراف بأن العلاقات الثنائية عالقة.

التوتر تعزّز بعد خطاب الملك محمد السادس في 31 أكتوبر، الذي شكر فيه الدول الداعمة لمغربية الصحراء دون ذكر إسبانيا. الرسالة وصلت واضحة لمدريد: موقفها لا يزال ضبابياً. وبعد نصف قرن على استرجاع الصحراء، تواصل الحكومة الإسبانية تجنب الاعتراف الواضح بسيادة المغرب، مما يزيد الهوّة بين الطرفين.

في مليلية: 19 عملية عبور فقط منذ يناير، سبع منها فقط نحو المغرب ، ومن سبتة: 42 عملية عبور، عملية واحدة فقط داخلية المنشأ.

هذه الأرقام تُظهر شللاً فعلياً للاقتصاد المحلي. رئيس اتحاد المقاولين في مليلية، إنريكي ألكوبا، يقرّ بأن العبوريات “غير موجودة عملياً”، والتجار يعيشون حالة خوف بسبب غياب الضمانات وتغيّر قواعد التعامل.

من منظور مغربي، ما يحدث ليس تشدداً، بل تصحيح لمسار غير طبيعي دام عقوداً. فاقتصاد التهريب الذي كانت تستفيد منه المدينتان ألحق خسائر فادحة بالموانئ المغربية وبالتجارة الوطنية. واليوم، الرباط واضحة:

-إنهاء التهريب المعيشي نهائياً

-تقنين العبور وفق معايير جمركية شفافة.

-فرض احترام السيادة المغربية دون استثناء.

هذه الشروط ليست تفاوضية بالنسبة للمغرب، بل جزء من سياسة سيادية تُطبَّق تدريجياً.

الحكومة الإسبانية تقف اليوم أمام ضغط متزايد: تجار غاضبون في الثغرين من جهة، وعلاقة فاترة مع الرباط من جهة أخرى. ورغم زيارات رسمية متعددة، تجنّب رئيس الوزراء الإسباني الحديث عن الأزمة في آخر زيارة له إلى سبتة المحتلة، ما فجّر استياء الداخل الإسباني.

الواقع اليوم واضح: المغرب لم يعد يقبل باستمرار وضعٍ استثنائي بُني على اقتصاد موازٍ يضرب مصالحه الاستراتيجية. الرباط تُعيد السيادة إلى مكانها الطبيعي، وترسم حدوداً اقتصادية جديدة لا تعود فيها المدينتان المحتلتان مركزاً لتهريب السلع أو لخلط الأوراق السياسية.

أما مدريد، فبين التردّد والخوف من الاعتراف بمغربية الصحراء، تجد نفسها خارج حسابات الرباط الجديدة.

المستقبل يذهب نحو نموذج مختلف: علاقة ندّية، قائمة على احترام السيادة، لا على امتيازات الماضي.

 

24/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts