kawalisrif@hotmail.com

ترامب يشهر ورقته الثقيلة ضد “الإخوان”.. تحرّك أمريكي يربك القاهرة وأنقرة ويعيد رسم خرائط المنطقة

ترامب يشهر ورقته الثقيلة ضد “الإخوان”.. تحرّك أمريكي يربك القاهرة وأنقرة ويعيد رسم خرائط المنطقة

في خطوة أعادت خلط الأوراق داخل الشرق الأوسط، فتح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جديد ملفّ جماعة الإخوان المسلمين، موجهاً تعليماته لتصنيف عدد من فروعها في دول عربية باعتبارها “منظمات إرهابية أجنبية”. خطوة أمريكية غير معزولة عن سياق إقليمي متحوّل، وتقاطعات دولية بدأت منذ حرب غزّة، وامتدت إلى ساحات النفوذ بين واشنطن وأنقرة والقاهرة.

القرار الجديد، كما نقلت “إرم نيوز”، لا يقتصر على الداخل الأمريكي، بل يستهدف فروعاً للإخوان في لبنان والأردن ومصر، حيث وُلدت الجماعة في عشرينيات القرن الماضي قبل أن تتحول إلى شبكة فكرية وتنظيمية تمتد في العالم العربي والإسلامي وأوروبا تحت تسميات مختلفة.

ورغم أن واشنطن لم تشر صراحة إلى تركيا، إلا أن قرارها يلامس عمق المشهد التركي، لا سيما وأن حزب العدالة والتنمية الحاكم—رغم طابعه العلماني دستورياً—يحمل إرثاً إسلامياً ويحتفظ بعلاقات متينة مع فروع الجماعة، خصوصاً بعد وصول محمد مرسي للحكم في مصر سنة 2012.

أنقرة التي كانت لعقد كامل الحاضنة الأبرز لقيادات الإخوان المصريين، وضعت حداً لذلك المنحى قبل عامين حين بدأت مسار تطبيع العلاقات مع القاهرة. فقد فرضت قيوداً على إعلام الجماعة وسمحت بخروج عدد من قياداتها نحو دول أخرى، في إطار عودة واضحة إلى البراغماتية التركية التقليدية.

زيارة أردوغان الرسمية للقاهرة ثم الزيارة المقابلة للرئيس السيسي لأنقرة أنهت قطيعة 11 عاماً، وأعادت رسم موقع تركيا بين الإخوان ودول المنطقة. وبرأي المحلل التركي علي أسمر، فإن علاقة الإخوان بتركيا كانت تكتيكية ظرفية أكثر من كونها تحالفاً استراتيجياً دائماً، حيث استفاد الطرفان من اللحظة السياسية دون أن يرقى التعاون إلى بنية مؤسساتية عميقة.

يرى أسمر أن قرار واشنطن يأتي في سياق دولي جديد تشكل بعد أحداث 7 أكتوبر، حيث برزت إرادة دولية لإنهاء “حقبة الفصائل والميليشيات” وإعادة سلطة الدولة المركزية في المنطقة. هذا التحول—وفق الخبير—قد يخدم تركيا في صراعها مع حزب العمال الكردستاني، كما يسهم في توحيد مواقف دول الشرق الأوسط، وهو ما انعكس فعلاً في تخفيف العقوبات على سوريا والمساهمة في وقف حرب غزة جزئياً.

وفي موازاة ذلك، حافظت تركيا على علاقاتها مع حركة حماس—المنتمية فكرياً للإخوان—لكن دون أن تقطع خيط التواصل مع إسرائيل، حتى خلال الحرب على غزة، في توازن دقيق بين العقيدة السياسية والمصلحة الجيوسياسية.

قرار ترامب ما يزال في بداياته. فقد طلب من وزيري الخارجية والخزانة إعداد تقرير يحدد ما إذا كان يجب تصنيف فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن كمنظمات إرهابية، على أن يبدأ التنفيذ خلال 45 يوماً من صدور التقرير.

وبيّن البيت الأبيض أن بعض فروع الجماعة قدمت “دعماً أو تحريضاً” على تنفيذ هجمات ضد إسرائيل وشركاء واشنطن. ويفتح التصنيف الأمريكي الباب أمام تجميد الأصول ومنع دخول الأعضاء إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى تضييق واسع على التمويل والتحرك الدولي.

غير أن القرار يواجه إشكالية مزمنة: كيف يمكن فصل الفروع المصنّفة إرهابية عن تلك التي تعمل بشكل علني داخل البرلمانات في دول عربية، مثل الأردن وتونس سابقاً والمغرب في فترة معينة؟ فبينما تصنّف القاهرة الجماعة تنظيماً إرهابياً منذ 2013، تنشط فروع أخرى في مجالات اجتماعية وسياسية، ما يجعل القرار الأمريكي مرشحاً لإثارة جدل واسع داخل دول المنطقة.

من منظور مغربي، يبرز أن واشنطن تقترب أكثر من المقاربة التي تبنّتها الرباط منذ سنوات: محاربة التطرف العابر للحدود دون خلط الأوراق بين التدين المجتمعي والمشاريع الإيديولوجية ذات الارتباط الخارجي. قرار ترامب قد يضع الإخوان أمام اختبار وجودي جديد، بينما تنظر دول المنطقة—والمغرب بينها—إلى التطرف كملف أمن قومي لا يحتمل المزايدات.

26/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts