في تطور لافت يعكس حجم الاحتقان المتنامي داخل الجزائر، أقدمت وكالة الأنباء الرسمية على نشر تعليق شديد اللهجة استهدفت فيه عددا من الأحزاب السياسية، متهمة إياها بـ“المزايدة” على المواقف الرسمية للدولة. هذا الموقف غير المسبوق أثار موجة واسعة من التفاعل، خصوصا بعد أن وصفت الوكالة مواقف تلك الأحزاب بأنها “إفلاس سياسي” و“خرق واضح للدستور”، في إشارة إلى بيانات تضامنية مع الصحافي سعد بوعقبة بعد إيداعه الحبس المؤقت، وإلى انتقادات وُجّهت لتصويت الجزائر في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار أمريكي يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة.
اللغة الحادة التي اعتمدتها الوكالة حملت نبرة تصعيدية غير مألوفة، معتبرة أن بعض التشكيلات الحزبية “انساقت نحو الديماغوجية” وجعلت منها ورقة انتخابية مبكرة استعداداً لاستحقاقات 2026 التشريعية والمحلية. وألمحت الوكالة إلى أن تلك المواقف تمثل، من وجهة نظرها، محاولة للعودة إلى “ممارسات تم التخلي عنها منذ 12 دجنبر 2019”، ما يعكس قلقا رسميا من أي تحركات سياسية قد تُفسَّر كتشكيك في المسار الذي تم تثبيته منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم. كما هاجمت الدفاع عن الصحافي بوعقبة وانتقاد قانون مكافحة خطاب الكراهية، معتبرة أن هذه المواقف تُعيد إنتاج “التوتر والانقسام”.
ويكشف هذا السجال المحتدم بين الإعلام الرسمي والأحزاب عن مرحلة جديدة من التشنج داخل الساحة السياسية الجزائرية، حيث تتقاطع النزاعات الخطابية مع اقتراب المواعيد الانتخابية ومع تفاقم الملفات الحقوقية والسياسية العالقة. كما يعكس اتساع الهوة بين السلطة وعدد من الأحزاب في ظل حساسية متزايدة تجاه أي نقاش مرتبط بحرية التعبير أو الخيارات الدبلوماسية، بما يوحي بأن البلاد مقبلة على مرحلة أكثر تعقيدا سياسيا مع تنامي الأسئلة المرتبطة بالحريات والحوكمة والتوجهات الرسمية.
01/12/2025