مع تعيين عامل جديد على رأس عمالة إقليم الحسيمة، قبل خمسة أسابيع ، يعود إلى الواجهة مطلب قديم لجعل محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة في صدارة أولويات المرحلة، خصوصًا في ما يتعلق بقطاع التعمير والبناء العشوائي، الذي ظل لسنوات أحد أبرز مصادر التوتر والاختلال بمجموعة من جماعات الإقليم.
وتتداول فعاليات مدنية ومحلية أسماء عدد من الجماعات التي تعرف، بحسب تعبيرها، تفشيًا مقلقًا للبناء غير المرخص وحفر العبارات خارج الضوابط القانونية، من بينها إمزورن، وأخرى ضمن مجموعة جماعات بني ورياغل الغربية، وأربعاء تاوريرت، وكتامة، وبني بشير، وبني بوفراح. وهي جماعات يرى متتبعون أن ما يجري فوق ترابها لا يمكن فصله عن ضعف المراقبة، أو التساهل في تطبيق القانون.
ويستحضر هؤلاء تجربة إقليم الناظور، حيث أحدثت قرارات عامل الإقليم هناك، خلال الأشهر الماضية، صدى واسعًا بعد إعفاءات وتوقيفات ومتابعات طالت مسؤولين ترابيين، في إطار سياسة وُصفت بـ”تنقية الإدارة من مظاهر الفساد”، وهو ما أعاد الأمل في إمكانية تعميم هذا النهج على باقي أقاليم الجهة.
في هذا السياق، ترتفع أصوات مطالِبة بفتح تحقيقات إدارية ومالية معمقة تشمل تراخيص البناء، وشبهات التغاضي عن مخالفات واضحة، وكذا مدى احترام مساطر التعمير داخل عدد من الجماعات القروية والحضرية. كما تشدد هذه الأصوات على ضرورة تفعيل دور المفتشيات العامة لوزارتي الداخلية والتجهيز، وعدم الاكتفاء بالمعالجات الظرفية أو الانتقائية.
ويؤكد فاعلون جمعويون أن استمرار البناء العشوائي لا يضر فقط بجمالية المدن والقرى، بل يهدد السلامة الجسدية للمواطنين، ويُثقل كاهل الدولة مستقبلاً بكلفة إعادة الهيكلة، ناهيك عن ضرب مبدأ تكافؤ الفرص أمام المستثمرين الملتزمين بالقانون.
رهان كبير يعلقه سكان الإقليم على عامل الحسيمة الجديد، من أجل إبراز نفس الحزم والصرامة التي ميّزت تدبير بعض الأقاليم الأخرى، خاصة في ما يتعلق بضبط التعمير ومحاربة كل أشكال الريع والوساطة غير المشروعة، وجعل القانون فوق الجميع دون استثناء.
ويرى متابعون أن نجاح أي إصلاح حقيقي يمر عبر تحصين الإدارة الترابية من الضغوطات والمصالح الضيقة، وتمكين رجال السلطة من أداء مهامهم في استقلالية ونزاهة، مع ترتيب الجزاءات في حق كل من ثبت تورطه في تسهيل أو تغطية الخروقات.
ويبقى السؤال المفتوح اليوم بقوة في الشارع المحلي:
هل ستكون مرحلة عامل الحسيمة الجديد نقطة تحول حقيقية في مسار محاربة الفساد بالإقليم؟ أم أن الانتظارات ستظل معلّقة إلى أجل غير مسمى؟