شدد عثمان ابن غزالة، المدير التنفيذي لمنظمة APSEM، خلال المائدة المستديرة التي نظمها صندوق التعاضد المهني المغربي ضمن فعاليات اليوم الدراسي حول الصحة، على ضرورة فهم جذور التوتر داخل بيئات العمل الحديثة. وأوضح أن الضغط النفسي يتولد أساسًا من عدم التوازن بين حجم الطلبات المهنية والموارد المتاحة لمواجهتها، مستشهداً بنماذج علمية مثل نموذج كاراسيك الذي يربط التوتر بضعف التحكم في ظروف العمل، ونموذج سيغريست الذي يبرز أثر فجوة الجهود والمكافآت على صحة الموظف. كما نبه إلى تأثير التحولات الجديدة لأساليب العمل، خصوصًا العمل عن بعد، الذي وإن رُوّج له كوسيلة لرفع الإنتاجية، إلا أنه يضاعف التوتر بسبب تداخل الحياة المهنية والشخصية وظهور ما سماه “السمنة المعلوماتية” الناتجة عن تراكم الرسائل والاتصالات المهنية المستمرة.
وفي مداخلتها، أبرزت الدكتورة سارة طويرسي، طبيبة نفسية ومعالجة نفسية، أن دور المعالج يتجاوز تقديم النصح إلى ترسيخ المفاهيم العلاجية عبر تكرارها ودمجها في الممارسة اليومية للمريض، نظراً لصعوبة تغيير العادات الراسخة. وأكدت أن الرياضة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من بروتوكولات الصحة النفسية الحديثة، ليس فقط لفعاليتها في الوقاية من الأمراض الجسدية كاضطرابات القلب والسكّري، بل لكونها محفزًا لإفراز هرمونات الرفاهية ورافعة للإحساس بالكفاءة الذاتية. وأضافت أن التقدم التكنولوجي، من ساعات ذكية وتطبيقات تتبع صحي، صار عاملاً داعمًا لترسيخ الممارسة الرياضية وتحويلها إلى عادة مستدامة.
وإلى جانب ذلك، شدد المتدخلون على أهمية دمج الرياضة والأنشطة البدنية داخل فضاءات العمل، مشيرين إلى أن العديد من المؤسسات باتت توفر تجهيزات وبُنى تحتية خاصة، وتنظم فعاليات رياضية جماعية لتعزيز الروابط بين الموظفين وتحسين جودة الحياة المهنية. ولفت ابن غزالة إلى أن أطباء العمل يعتمدون اليوم مقاييس دقيقة لرصد التوتر والاحتراق الوظيفي لتحيين خطط وقائية فعّالة، فيما أكدت طويرسي أن الرياضة باتت مكوّنًا أساسيًا في الصحة النفسية المعاصرة، لما تمنحه من توازن داخلي يسهم في تخفيف العبء الذهني وتعزيز الإنتاجية داخل بيئات العمل.
04/12/2025