احتضنت مدينة الحسيمة صباح السبت 06 دجنبر 2025 فعاليات الدورة السادسة للمجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية، المنعقدة تحت شعار “دورة الوفاء من الريف إلى الصحراء”. ورغم الزخم التنظيمي الذي رافق الحدث والاهتمام السياسي المرافق له، بدت ملامح خلل عميق داخل القيادة الحركية، خصوصاً في ما يتعلق بأداء الأمين العام محمد أوزين الذي لم ينجح، مرة أخرى، خلال كلمته ، في تقديم ما يُقنع القواعد الحزبية أو يبدّد حالة الانتظارية التي تخيّم على الحزب منذ سنوات .
انطلقت الجلسة الافتتاحية على الساعة العاشرة بأحد فنادق الحسيمة، وشكّلت فضاءً لتقييم المرحلة السابقة واستشراف القادمة، لا سيما في ظل اقتراب الاستحقاقات الوطنية. وتضمن جدول الأعمال كلمات كل من رئيس المجلس الوطني عادل السباعي، ثم رئيس الحزب محمد العنصر، قبل أن يقدّم الأمين العام تقريره السياسي الذي كان يُنتظر أن يرسم ملامح طريق واضح للحركة الشعبية في مرحلة دقيقة.
غير أنّ الكلمة التي لم تنتهي بعد ، حسب عدد من الحاضرين، لم يحمل في طيّاته ما يرقى إلى مستوى رهانات اللحظة، وظلّ أسير العبارات العامة التي اعتاد عليها الخطاب الحركي دون مقترحات عملية أو رؤية تجديدية قادرة على استعادة المبادرة السياسية.
قدّم الحزب خلال هذه الدورة مشروع معايير اختيار مرشحيه للانتخابات التشريعية، في خطوة يفترض أن تسعى إلى ترسيخ الشفافية وضبط مساطر الانتقاء … غير أن هذه المسألة بدورها أثارت نقاشاً واسعاً، خصوصاً مع ظهور أسماء من خارج الحزب ومن تيارات سياسية أخرى يُتوقع التحاقها أو دعمها للحركة الشعبية.
ويبرز من بين هؤلاء البرلماني السابق عن دائرة الدريوش مصطفى الخلفيوي،الذي يمتلك حظوظا قوية للفوز بمقعد برلماني، والبرلماني السابق عن دائرة الناظور سليمان حوليش الذي يواجه ملفات قضائية أمام محكمة جرائم الأموال. وقد أثار حضور الأخير ، الذي غرق في النوم داخل القاعة ،تساؤلات في صفوف المناضلين حول مدى انسجامه مع شعار “الوفاء” الذي ترفعه الدورة، وحول قدرة القيادة الحالية على تدبير الترشيحات بمنطق سياسي ومؤسساتي لا يخضع لتوازنات ظرفية.
عرفت الدورة مداخلات لعدد من البرلمانيين الذين تمكن بعضهم من كسب تفاعل القاعة، مثل النائب نبيل اليزيدي، فيما شكّلت كلمة النائبة لطيفة أعبوث إحدى اللحظات القليلة التي حملت بعداً سياسياً واضحاً.
لكن ختام الجلسة بكلمة الأمين العام لم يشكّل نقطة تحول كما كان يُنتظر. فقد جاءت كلمته بنفس النبرة التي دأب عليها، دون أي إعلان عن مبادرات سياسية جديدة أو إجراءات تنظيمية تتجاوب مع انتظارات القواعد الحركية. واقتصر مضمونها، كما جرت العادة، على انتقادات موجّهة للحكومة دون تقديم بدائل ملموسة أو رؤية استراتيجية متماسكة.
تُظهر هذه الدورة مرة أخرى أن الحزب يسير في اتجاه يتّسم بالجمود على مستوى القيادة، خصوصاً في ظل غياب قدرة الأمين العام على بلورة خطاب جديد يعيد الحيوية السياسية والثقة للحركة الشعبية. ورغم الحضور التنظيمي والإعلامي اللافت، من صحافة الهامش، بمقابل مادي ، لم تنجح القيادة في تحويل هذه الدورة إلى لحظة سياسية حقيقية تُعيد ترتيب البيت الداخلي أو تبعث رسالة قوية للمناضلين والرأي العام.
الدورة السادسة للمجلس الوطني في الحسيمة كانت مناسبة مهمة من حيث الشكل، لكنها في العمق لم تخرج عن الطابع التقليدي الذي بات يطبع لقاءات الحزب. ويظل السؤال المطروح بإلحاح:
هل يمكن للحركة الشعبية أن تدخل غمار الاستحقاقات المقبلة بقيادة لا تزال عاجزة عن إنتاج خطاب جديد ورؤية سياسية واضحة، مكتفية بتكرار الانتقادات المعتادة دون مقترحات بديلة؟
