kawalisrif@hotmail.com

مليلية المحتلة: “الحدود الذكية” الإسبانية تتحول إلى عبء يومي وتكشف ارتباك التدبير الأحادي

مليلية المحتلة: “الحدود الذكية” الإسبانية تتحول إلى عبء يومي وتكشف ارتباك التدبير الأحادي

تعيش مليلية المحتلة، منذ أسابيع، على وقع اختلالات متكررة في ما تسميه السلطات الإسبانية بـ“الحدود الذكية”، بعدما تحولت المنظومة التكنولوجية الجديدة، التي رُوّج لها كحل عصري لتسريع العبور وضبط الحركة الحدودية، إلى مصدر معاناة يومية لآلاف العابرين عبر معبر باب مليلية ببني أنصار، في صورة تعكس فشل المقاربة الأحادية في تدبير حدود يفترض أن تُدار بمنطق التنسيق والمسؤولية المشتركة.

وحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية إسبانية، فإن الأعطاب التقنية التي طالت أنظمة المراقبة البيومترية، وكاميرات التعرف على الوجوه، والأبواب الإلكترونية، تسببت في طوابير طويلة تجاوزت أحيانًا أربع ساعات من الانتظار، ما أجبر عناصر الشرطة الإسبانية على العودة إلى إجراءات يدوية بطيئة، أعادت المعبر إلى مشاهد الارتباك وسوء التنظيم.

ورغم الكلفة المالية المرتفعة للمشروع، الذي استفاد من تمويلات عمومية وأوروبية، فإن الواقع اليومي يكشف هشاشة المنظومة الجديدة، وعجزها عن ضمان الحد الأدنى من الانسيابية، خاصة خلال فترات الذروة. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى الاستثمار في حلول تقنية معزولة عن السياق الإنساني والجغرافي والسياسي للمنطقة.

وتبرز هذه التطورات، مرة أخرى، حدود الرؤية الأمنية الصرفة التي تعتمدها مدريد في تعاملها مع معابر مليلية المحتلة، متجاهلة أن هذه النقاط الحدودية ليست مجرد “بوابات إلكترونية”، بل فضاءات عبور يومي لعمال وتجار وأسر، يرتبط استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي بسلاسة التنقل واحترام الكرامة الإنسانية.

كما أن محاولات التقليل من حجم الأزمة، عبر ربطها فقط بارتفاع عدد العابرين خلال موسم الأعياد، تصطدم بصور وشهادات ميدانية توثق حجم الاختناق وسوء التدبير، وهو ما يعزز الانطباع بأن المشكلة بنيوية، وتعود إلى ضعف التخطيط، وغياب الاختبارات المسبقة، ونقص التكوين الملائم للأطر المكلفة بتشغيل النظام.

وفي الوقت الذي اختارت فيه إسبانيا الانفراد بقراراتها داخل مليلية المحتلة، يواصل المغرب، في الجهة المقابلة، التأكيد على أهمية مقاربة متوازنة ومسؤولة في تدبير الحدود، قائمة على التنظيم والاحترام المتبادل، بما يضمن الأمن دون المساس بحقوق وكرامة الأشخاص، رغم ما قد يسجَّل أحيانًا من اختلالات تقنية ظرفية في أنظمة معالجة وقراءة المعطيات الخاصة بالعابرين.

إن ما يحدث اليوم في معبر بني أنصار لا يمكن اختزاله في أعطاب تقنية عابرة، بل يشكل مؤشرًا واضحًا على فشل نموذج “الحدود الذكية” عندما يُفرض من طرف واحد، دون رؤية شمولية أو تنسيق حقيقي مع المحيط الطبيعي والبشري للمنطقة. وهو ما يجعل من هذه الاختلالات دليلًا إضافيًا على ارتباك التدبير الإسباني داخل مدينة محتلة، ظلت لعقود تعيش على إيقاع حلول مؤقتة، سرعان ما تسقط أمام اختبار الواقع.

16/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts