kawalisrif@hotmail.com

ثلاث جثث في قاع البحر… جزائريون يقودون قارب الموت ومغاربة يقتلون بوحشية

ثلاث جثث في قاع البحر… جزائريون يقودون قارب الموت ومغاربة يقتلون بوحشية

تحتضن المحكمة الإقليمية بمدينة ألميريا، ابتداءً من اليوم الثلاثاء 16 دجنبر، جلسات محاكمة مواطنين جزائريين، هما عماد الدين م. ويوسف ز.، بعد اتهامهما بتحويل رحلة هجرة غير نظامية إلى واحدة من أكثر الرحلات دموية ووحشية، انتهت بمصرع ثلاثة مهاجرين مغاربة في عرض البحر.

وطالبت النيابة العامة الإسبانية بالحكم على كل واحد منهما بـ11 سنة سجناً، بعد متابعتهما بتهم تتعلق بالاعتداء على حقوق الأجانب، إضافة إلى ثلاث جنايات قتل غير عمدي، على خلفية العنف المفرط الذي مورس داخل القارب.

وتعود وقائع القضية إلى ليلة 12 أكتوبر 2024، حين نظم المتهمان رحلة انطلاقاً من السواحل الإفريقية على متن قارب صغير من الألياف، لا يتجاوز طوله ثمانية أمتار، ودون أي كفاءة ملاحية أو تأهيل تقني. وكان على متنه 30 مهاجراً مغربياً، دفع كل واحد منهم حوالي 8 آلاف يورو، وهو مبلغ يفوق بكثير المعدلات المعتادة، دون أن يشتري لهم سوى الخوف والموت.

ووصفت النيابة العامة ما جرى على متن القارب بـ“المروّع”، حيث أبحر بسرعة مفرطة وسط أمواج عاتية بلغ ارتفاعها نحو 2.5 متر. ومع تسرب المياه إلى القارب، دبّ الذعر بين الركاب، لكن ردّ فعل الربانين لم يكن الإنقاذ أو التهدئة، بل العنف الأعمى.

وأفاد الادعاء بأن المتهمين شرعا في ضرب الركاب الذين تحركوا أو صرخوا، بذريعة الحفاظ على توازن القارب أو إسكاتهم، بل إن الملف القضائي يشير إلى أن المتهمين كانا يضحكان ويسخران أثناء تهديد المهاجرين وضربهم، وهما يعلمان أن القارب يغرق وأن الركاب ينهارون جسدياً ونفسياً.

وأسفر هذا العنف، إلى جانب اهتزاز القارب والتكدس، عن وفاة ثلاثة مهاجرين:

شاب يبلغ 21 سنة توفي متأثراً بإصابة خطيرة في الرأس،

رجل في 41 سنة قضى بسبب إصابات متعددة ورضوض قاتلة،

أما الضحية الثالثة، البالغ 33 سنة، فقد لفظ أنفاسه بعد ساعات، نتيجة السحق والاختناق في قاع القارب، تحت وطأة الأجساد والضرب.

وبعد تعطل محرك القارب وتركه ينجرف في عرض البحر، تم رصده من طرف سفينة الإنقاذ البحري الإسبانية “غواردمار بوليمنيا”، على بعد 41 ميلاً بحرياً جنوب شرق منطقة ميسا رولدان. وعند وصوله إلى ميناء ألميريا، أكدت فرق الإسعاف وجود ثلاث جثث هامدة على متن القارب.

كما طالبت النيابة العامة بإلزام المتهمين بأداء تعويضات مالية لعائلات الضحايا، تتراوح بين 90 ألف يورو للآباء و150 ألف يورو للزوجة والأبناء، إضافة إلى تعويضات لفائدة الإخوة.

فيما تبرز هذه القضية مجدداً الوجه الأكثر ظلمة لشبكات الاتجار بالبشر، التي لا ترى في الإنسان سوى جسد قابل للكسر أو الرمي في البحر. فداخل ذلك القارب الصغير، لم يكن الموت حادثاً عرضياً، بل نتيجة مباشرة للعنف، واللامبالاة، والضحك في حضرة الفناء.

ثلاثة مغاربة لم يغرقوا فقط في الماء… بل غرقوا في صمت العالم، في قارب تحوّل إلى زنزانة عائمة، وفي ليلٍ كان البحر فيه شاهداً، والضحايا بلا صوت، والجلادون ممسكين بالمجداف.

16/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts