تشهد جماعة إساكن، خلال الأيام الأخيرة، حركية غير مألوفة تمثلت في إصلاح مصابيح الإنارة العمومية وإطلاق حملات نظافة مكثفة، في مشهد يوحي لأول وهلة بعودة الروح إلى المرفق الجماعي. غير أن هذا “الاستنفار الخدمي” لم يأتِ صدفة، بل تزامن بشكل لافت مع زيارة تفقدية مرتقبة لعامل إقليم الحسيمة إلى مركز الجماعة.
هذا التزامن يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات مشروعة، يختلط فيها الاستغراب بالاستياء: لماذا لا تكون صيانة الإنارة والنظافة سلوكًا دائمًا ومنتظمًا؟ وما الذي يجعل الشوارع والأحياء تُترك في حالة إهمال مزمن إلى أن يلوح في الأفق موعد زيارة مسؤول ترابي؟
الأكثر إثارة للقلق أن تبرير غياب الصيانة الدورية بحجة “ضعف الإمكانيات” يفقد مصداقيته أمام معطى واضح، يتمثل في توفر ميزانية قادرة “على الأقل” على ضمان الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. فهل أصبحت زيارة عامل الإقليم شرطًا لتحريك الآليات المعطلة وإخراج الأشغال من سباتها؟ وهل باتت كرامة الساكنة مؤجلة إلى حين حلول موعد التفقد والمراقبة؟
ما يقع بإساكن اليوم ، والتي يرأس مجلسها الجماعي الخركي عبد السلام اليوسفي ، أحد شركاء مزارعي القنب الهندي وتجارها الكبار ، يكرّس منطقًا مقلقًا في التدبير المحلي، قوامه “التسيير بالمناسبات” بدل الحكامة المستمرة، والعمل تحت منطق الخوف لا القناعة، والاستعراض بدل الاستدامة. وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى جدية القائمين على الشأن المحلي في تحمل مسؤولياتهم اليومية تجاه المواطنين، بعيدًا عن منطق الترقيع والارتجال.
ولعل المفارقة التي تختزل هذا المشهد بأكمله، أن المصابيح التي جرى تركيبها على عجل في ما بات يُوصف بين الساكنة بـ“عمود العار”، ليست فقط من نوعية رديئة، بل تفتقد حتى لأبسط معايير التوحيد؛ أضواء صفراء إلى جانب أخرى بيضاء، في لوحة عبثية تختصر فلسفة الإصلاحات المستعجلة: المهم أن يبدو كل شيء “مضيئًا” أمام المسؤول، ولو كان الضوء نفسه بلا جودة ولا رؤية.
إن ساكنة إساكن لا تطالب بالمستحيل، بل بخدمات منتظمة، تحترم كرامتها، وتؤدى باعتبارها حقًا لا منّة، وواجبًا دائمًا لا ردة فعل ظرفية.
19/12/2025