kawalisrif@hotmail.com

«ناركو-الهليكوبتر» تحلّق بحرية فوق مضيق جبل طارق… رادار الجيش الإسباني يراها، لكن المعلومة لا تصل إلى الحرس المدني

«ناركو-الهليكوبتر» تحلّق بحرية فوق مضيق جبل طارق… رادار الجيش الإسباني يراها، لكن المعلومة لا تصل إلى الحرس المدني

يتحوّل مضيق جبل طارق، مرة أخرى، إلى نقطة اختبار حقيقية لمدى جاهزية الضفة الشمالية في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود. فبينما يُفترض أن يخضع هذا الممر البحري والجوي الحيوي لمراقبة صارمة، تكشف الوقائع الأخيرة عن ثغرات مقلقة في التنسيق والرصد، تسمح لشبكات الاتجار بالمخدرات بتطوير أساليبها والتحليق خارج الحسابات الأمنية التقليدية، في مشهد يطرح أسئلة تتجاوز الجانب التقني إلى عمق الخيارات المؤسساتية المعتمدة.

قبل أسابيع قليلة، أثارت الطائرات المسيّرة التابعة لشبكات التهريب القلق في سماء قادس، قبل أن ينتقل النشاط بسرعة إلى مستوى أخطر مع ظهور «ناركو-الهليكوبتر» تحلّق فوق أجواء ألميريا. هذا التطور يعكس دينامية قطاع غير مشروع يمثل حوالي 0,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام الإسباني، وفق معطيات رسمية، ويعمل بمنطق اقتصادي واضح، حيث يُستثمر في التكنولوجيا والابتكار ليس من أجل التقدم، بل لضمان الاستمرارية وتفادي الضربات الأمنية.

تفكيك الحرس المدني الإسباني لمنظمتين إجراميتين خلال الأسابيع الأخيرة كشف عن تحول في مسارات التهريب باتجاه ألميريا، واعتماد وسائل جوية متقدمة، من بينها طائرات مسيّرة قادرة على عبور مضيق جبل طارق. ورغم أن الهدف الأساسي لهذه العمليات يبقى نقل الحشيش، فإن خبراء في مكافحة المخدرات لا يستبعدون أن تكون هذه الوسائل قد استُخدمت، أو ستُستخدم مستقبلاً، في تهريب الكوكايين جواً، ما ينذر بتحول السماء إلى مسار موازٍ للبحر.

وتستفيد شبكات التهريب من وجود ما يشبه «مناطق رمادية» في المجال الجوي الإسباني، لا تحظى بتغطية رادارية كافية، خصوصاً في اتجاه مضيق جبل طارق وألميريا. تقنياً، تعتمد منظومة الرصد على رادارات أولية قادرة على كشف الأجسام الطائرة على ارتفاعات منخفضة، وأخرى ثانوية تعتمد على تجاوب الطائرة نفسها عبر جهاز الإرسال، غير أن مروحيات التهريب تعمد إلى تعطيل هذه الأجهزة، ما يجعلها خارج نطاق الكشف التقليدي.

المفارقة الأمنية تبرز في كون الجيش الإسباني، عبر رادارات القوات الجوية، قادر على رصد هذه التحركات، في حين يفتقر الحرس المدني إلى وسائل الكشف الجوي المباشر، ولا يتوصل بالمعلومات إلا في حالات محدودة وبطلب خاص، وفي إطار تحقيقات بعينها. هذا الخلل في تدفق المعطيات يخلق فراغاً زمنياً تستغله الشبكات الإجرامية لتوسيع نشاطها وتعقيد مساراتها

يبرز هذا المشهد تبايناً واضحاً في المقاربة الأمنية على ضفتي المضيق. فالمغرب اختار خلال السنوات الأخيرة نهجاً قائماً على المراقبة الشاملة، والاستباق، والتنسيق متعدد المستويات، مستثمراً في التكنولوجيا والموارد البشرية في آن واحد. هذا الاختلاف لا يطرح فقط مسألة النجاعة، بل يعيد إلى الواجهة سؤال التعاون الأمني الحقيقي، حين تتحول بعض الثغرات في الشمال إلى عبء مشترك على أمن المنطقة بأكملها.

20/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts