أعلنت شرطة كتالونيا (موسوس إيسكوادرا) أنها تمكنت، خلال السنوات الخمس الأخيرة، من إحباط 47 محاولة زواج قسري داخل الإقليم، في ملف يوصف بالحساس لتقاطعِه مع قضايا حقوق الإنسان والعنف ضد النساء. وتشير المعطيات الرسمية إلى أن 28 من الضحايا قاصرات لم تتجاوز أعمارهن 18 سنة، من بينهن حالة لطفلة لا يتعدى عمرها تسع سنوات.
وتعود بداية اعتماد هذا البروتوكول الأمني الوقائي إلى سنة 2009، حيث وضعت الشرطة الكتالونية آلية خاصة للرصد والتدخل المبكر، مكّنتها منذ ذلك الحين من التعامل مع أكثر من 230 حالة، أغلبها لفتيات قاصرات. وخلال الفترة الممتدة من 2021 إلى أكتوبر 2025، جرى تسجيل 47 حالة تدخل، معظمها قبل تنفيذ الزواج.
وتؤكد المصادر نفسها أن الأرقام المسجلة لا تمثل سوى جزء من الواقع، نظراً لوجود حالات لا تصل إلى مرحلة التبليغ أو الاشتباه، خاصة في إطار الزيجات “المُرتبة” التي يُفرض فيها الزواج دون موافقة أحد الطرفين، غالباً الفتاة. وهي ممارسة أُدرجت ضمن القانون الجنائي الإسباني سنة 2015، وتصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات ونصف سجناً.
وبحسب معطيات قدمتها مستشارة الداخلية والأمن العمومي في حكومة كتالونيا، نوريا بارلون، فإن الحالات المسجلة تعود إلى أسر من أصول متعددة، أبرزها:
باكستان (18 حالة)، غامبيا (8)، المغرب (7)، السنغال (4)، الهند وبنغلاديش وغينيا (حالتيْن لكل بلد)، إضافة إلى حالات معزولة من نيجيريا ومالي ورومانيا، إلى جانب حالة واحدة فقط لأسرة إسبانية.
هذه الأرقام فجّرت سجالاً سياسياً داخل البرلمان الكتالوني، حيث اعتبر حزب الشعب (PP) أن “99% من الحالات تعود لأسر من أصول مهاجرة”، في انتقاد مباشر لتصريحات رئيس حكومة كتالونيا سلفادور إيّا الذي يرى في الهجرة “حلاً وليس مشكلة”.
وقالت نائبة الحزب، بيلين باخاريس، إن “هناك ممارسات دخيلة ومهينة للمرأة لا يمكن التساهل معها تحت أي مبرر ثقافي”.
ويعتمد بروتوكول موسوس ديسكوادرا على تصنيف الحالات إلى ثلاث درجات: اشتباه، خطر، وخطر وشيك. وتبرز المؤسسات التعليمية كفاعل أساسي في كشف هذه القضايا، حيث جاءت عدة إشعارات من مدارس، من بينها حالة الطفلة ذات التسع سنوات سنة 2023، وحالات أخرى لفتيات تتراوح أعمارهن بين 13 و14 سنة.
وخلال الفترة نفسها، لم تتجاوز الحالات التي أبلغت فيها الضحايا أو أسرهن الشرطة 14 حالة فقط، مقابل إشعارات قادمة من قطاع التعليم، والخدمات الاجتماعية، وبعض الجمعيات، إضافة إلى حالات محدودة من القطاع الصحي.
تراجع نسبي في الأرقام
وتُظهر بيانات وزارة الداخلية الكتالونية تراجعاً نسبياً في عدد الحالات خلال السنتين الأخيرتين:
10 حالات في 2021،
12 في 2022،
16 في 2023،
5 في 2024،
و4 حالات فقط إلى غاية 31 أكتوبر 2025.
غير أن الشرطة سجلت أيضاً حالتين تم فيهما التدخل بعد إتمام الزواج القسري، إحداهما لقاصر.
وفي سياق متصل، كشفت حكومة كتالونيا عن تسجيل 141 حالة اشتباه في ختان الإناث خلال العقد الأخير، 17 منها تم تنفيذها فعلاً، أغلبها في بلدان الأصل وليس داخل التراب الإسباني. كما سُجلت خمس حالات لنساء بالغات، بعضها لم يُستكمل أو ظل مصير الضحية مجهولاً.
يطرح هذا الملف إشكالية التعميم والخلط بين الممارسات الفردية والهويات الجماعية، خصوصاً عندما يتم توظيف الأرقام في سجالات سياسية تمس قضايا الهجرة. فمواجهة الزواج القسري تبقى مسؤولية قانونية وإنسانية مشتركة، تتطلب حماية القاصرات دون السقوط في شيطنة الجاليات أو ربط الظاهرة بثقافة أو بلد بعينه.
20/12/2025