أزمة المنظومة الصحية باشتوكة آيت باها تكشف عمق الخصاص وتعيد سؤال العدالة المجالية إلى الواجهة

تعيش المنظومة الصحية بإقليم اشتوكة آيت باها واقعا صعبا يرهق ساكنة الإقليم، سواء في المناطق الجبلية النائية أو في السهول المكتظة، بسبب ضعف البنيات التحتية وندرة التجهيزات الطبية، مقابل ارتفاع متزايد في الطلب على الخدمات الصحية. هذا الوضع أفرز معاناة يومية للمواطنين في سبيل الحصول على أبسط أشكال العلاج، في ظل خصاص حاد في الأطباء والممرضين، وغياب شبه تام للخدمات الاستشفائية الأساسية. وبينما تؤكد السلطات الوصية أن القطاع عرف استثمارات ومجهودات كبيرة، يتصاعد النقاش المحلي حول نجاعة هذه التدخلات ومدى قدرتها على ضمان عدالة مجالية في الحق الدستوري للعلاج.

في المناطق الجبلية، يصف الفاعل الجمعوي لحسن بنضاوش الوضع بالمتأزم، مؤكدا أن الإشكال الجوهري يكمن في ندرة الأطباء وغيابهم عن المراكز الصحية، ما يضطر السكان إلى التنقل لمسافات طويلة بحثا عن العلاج، خصوصا في الحالات المستعجلة كلسعات العقارب أو وضعيات النساء الحوامل. كما أشار إلى تأثير هذا النقص على الحياة المدرسية، حيث يجد التلاميذ صعوبة في الحصول على الفحوصات الطبية أو الشواهد الضرورية، في وقت تتقلص فيه الحملات الطبية والصحة المدرسية بشكل مقلق. أما في المناطق السهلية، خاصة بجماعة آيت اعميرة، فيرصد الفاعل المدني حكيم لعنايت ضغطا سكانيا كبيرا يقابله ضعف واضح في الموارد والتجهيزات، ما ينعكس سلبا على جودة الخدمات، في ظل بيئة محلية متأثرة بالتلوث وسوء تدبير النفايات وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة.

ورغم تأكيد مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على الجهود المبذولة واستثمار عشرات الملايين من الدراهم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرامج تقليص الفوارق المجالية، يرى متتبعون أن هذه المبادرات لم تنجح بعد في سد الفجوة بين العرض والطلب. الفاعل الجمعوي سعيد أيت داود شدد على أن الخصاص الهيكلي ما زال كبيرا، مطالبا بإحداث مستشفى إقليمي جديد ومستشفى للقرب بآيت اعميرة ومركز لتصفية الدم بآيت باها، إلى جانب تعزيز التأطير البشري الذي يبقى بعيدا عن المعدل الوطني. ويأمل أبناء الإقليم أن تشكل المجموعات الصحية الترابية المزمع إحداثها إطارا فعّالا لإعادة هيكلة القطاع، وتجاوز أزماته المزمنة بما يضمن كرامة المواطنين وحقهم في رعاية صحية متكافئة.