kawalisrif@hotmail.com

الفيضانات في المغرب بين تقلبات المناخ وإخفاقات التدبير المحلي

الفيضانات في المغرب بين تقلبات المناخ وإخفاقات التدبير المحلي

أجمع خبراء البيئة على أن الفيضانات التي تشهدها بعض المدن المغربية لم تعد مجرد ظواهر طبيعية مرتبطة بالتغيرات المناخية فحسب، بل تعكس في العمق اختلالات هيكلية في تدبير البنيات التحتية وغياب التخطيط الاستباقي. فمع اشتداد موجات الجفاف وتحوّل نمط التساقطات إلى فترات مطرية قصيرة وغزيرة، وجدت شبكات الصرف العمومي نفسها عاجزة عن استيعاب الكميات المتدفقة من المياه، مما جعل السيول تتحول إلى خطر مباشر على الأرواح والممتلكات. ويرى المختصون أن سوء تدبير المجال العمراني، وغياب رؤية موحدة لمواجهة الكوارث، وعدم صيانة التجهيزات الأساسية، كلها عوامل تضاعف من حجم الخسائر كل موسم مطري.

وفي تحليل شامل للظاهرة، أوضح الخبير البيئي مصطفى بنرامل أن الفيضانات تمثل نتيجة لتداخل عوامل مناخية ومؤسساتية، حيث يعيش المغرب تحولات مناخية عميقة جعلت التساقطات أكثر تطرفاً من حيث التوقيت والحجم. وأشار إلى أن مدناً مغربية عديدة لم تُصمم بنيتها التحتية تاريخياً للتعامل مع أمطار بهذه الكثافة، مما يجعل أي خلل في الصرف الحضري أو البناء فوق مجاري الأودية سبباً كافياً لتحوّل الأمطار إلى كارثة. ودعا بنرامل إلى الانتقال من منطق التدخل بعد وقوع الضرر إلى منطق الوقاية، من خلال اعتماد مقاربة مندمجة تقوم على إدماج البعد المناخي في التخطيط الحضري، وتعزيز البنيات التحتية الخضراء كالأحواض الطبيعية والحدائق الحضرية، إلى جانب تفعيل آليات الحكامة المحلية والمساءلة في مجالي التعمير وتدبير المخاطر.

ومن جهته، أكد الخبير عبد الرحيم القصيري أن الفيضانات الأخيرة تمثل جزءاً من دينامية مناخية عالمية تتسم بالتقلب وعدم الاستقرار، مبرزاً أن المغرب يشهد نمطاً جديداً من التساقطات القوية والمتقطعة شبيهاً بما تعرفه دول أوروبية مجاورة. واعتبر القصيري أن هشاشة البنيات التحتية، خاصة شبكات الصرف في مدن مثل آسفي، تُعد أحد الأسباب الرئيسية للخسائر المسجلة، إلى جانب التوسع العمراني غير المنظم والبناء في المناطق الهشة. ودعا إلى إعادة النظر في منظومة التطهير السائل وتعزيز المساحات الخضراء داخل المدن، مؤكداً أن التكيف مع التغير المناخي يتطلب رؤية وطنية شمولية تشرك مختلف الفاعلين من سلطات عمومية، وخبراء، ومجتمع مدني، لبناء مدن أكثر قدرة على الصمود أمام التحولات المناخية المتسارعة.

26/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts