تتجه أنظار عدد من الفاعلين المحليين وسكان مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء نحو الوالي “الصالح” لجهة الدار البيضاء محمد مهيدية، باعتباره صمام أمان مؤسساتي ورمزًا للحكامة الترابية الرشيدة، في ظل توالي مراسلات وشكايات تضع بين يديه ملفات اجتماعية وعقارية وإدارية وُصفت بالحساسة، وتتطلب تدخلاً حازمًا يعيد الاعتبار لحقوق المواطنين ويُصحح مسارات اختلها التدبير المحلي.
ومن بين أبرز القضايا المطروحة، يبرز ملف التسوية العقارية لمشروع إعادة إيواء قاطني دور الصفيح بالحي الحسني، والذي بات يثير قلقًا متزايدًا بسبب ما اعتُبر تعطيلًا غير مبرر لمسطرة نقل ملكية وعاء عقاري مخصص لمشروع اجتماعي حيوي، يتعلق بالعقار ذي الرسم العقاري عدد 9164/س، الموجه لإنجاز “تجزئة حي الوفاق 4”.
وفي هذا الإطار، وجّه المستشار الجماعي المصطفى منضور مراسلة رسمية إلى والي الجهة، نبه فيها إلى اختلالات محتملة شابت هذا الملف، مشيرًا إلى تأخر نقل الملكية لفائدة جماعة الدار البيضاء، رغم الطابع الاجتماعي الصرف للمشروع، وهو ما فتح المجال، حسب تعبيره، أمام ممارسات تهدد حقوق الجماعة وتفرغ سياسات محاربة السكن غير اللائق من مضمونها.
وتوقف منضور عند ما وصفه بتفويت أنصبة عقارية من طرف بعض المستفيدين السابقين إلى شركة خاصة، رغم وجود التزامات تعاقدية مع الجماعة، في خطوة تطرح تساؤلات قانونية مشروعة، وتستدعي، بحسب المتتبعين، تدخلًا حازمًا من سلطة الوصاية التي يمثلها الوالي مهيدية، المعروف بصرامته في حماية الملك العمومي وضمان سلامة المساطر.
كما شملت المراسلات الموجهة إلى والي الجهة ملفًا إداريًا آخر، يتعلق بما اعتُبر تماطلاً في تسليم شواهد إدارية لفائدة سكان سيدي الخدير، المرتبطة بتحفيظ منازلهم، حيث أشار المستشار الجماعي إلى معاناة مواطنين استمرت لأزيد من سنة ونصف، دون تجاوب فعلي من مصلحة الممتلكات بجماعة الدار البيضاء، رغم تعدد الطلبات والمتابعات.
واعتبر المتحدث أن هذا الوضع يتنافى مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تحسين جودة الخدمات العمومية، وتسريع وتيرة معالجة ملفات المواطنين، مؤكدًا أن تدخل الوالي مهيدية من شأنه وضع حد لمظاهر البيروقراطية وإعادة الاعتبار للإدارة في بعدها الخدمي.
وفي جانب اجتماعي لا يقل حساسية، وُضعت أمام والي الجهة معاناة عدد من التجار والحرفيين الذين تضرروا من هدم أسواق نموذجية بالحي الحسني، دون توفير بدائل تحفظ لهم حقهم في الشغل والعيش الكريم، خاصة بعد تشريدهم إثر هدم أسواق معروفة مثل “دالاس” و“صورصا 1 و2”.
ورغم تثمين المشاريع التنموية والرياضية المنجزة بالمنطقة، شدد المتدخلون على أن التنمية الحقيقية، كما يؤمن بها الوالي الصالح محمد مهيدية، لا يمكن أن تتحقق على حساب الفئات الهشة أو عبر المساس بمصادر عيش المواطنين.
وتأتي هذه الملفات المتراكمة في سياق تعرف فيه مقاطعة الحي الحسني هشاشة اجتماعية وارتفاعًا في معدلات البطالة، ما يجعل تدخل سلطة الولاية ضرورة ملحة لضمان التوازن بين متطلبات التنمية الحضرية والعدالة الاجتماعية.
ويرى متابعون للشأن المحلي أن وضع هذه القضايا على مكتب والي الجهة يعكس رهانًا حقيقيًا على كفاءته ونزاهته الإدارية، وثقة في أن تدخله سيُعيد الأمور إلى نصابها القانوني، ويؤكد مرة أخرى أن الإدارة الترابية، حين تُدار بحكمة ومسؤولية، قادرة على إنصاف المواطن وصون هيبة القانون.
26/12/2025