kawalisrif@hotmail.com

مُلاكي الأراضي بالريف من عملاء إسبانيا إلى عملاء المخزن

إن الطبيعة العقارية للأراضي ببلاد الريف تتسم بالتعقيد والتركيب الشديدين، شكلت وما تزال إحدى أهم المشاكل المُسببة لأزمات وهزات اجتماعية، ولعل “مطالبة” الهيئات الحقوقية والحركات الاحتجاجية في كل مرة بإعادة التوزيع العادل للثروة ومن بينها الثروة لترجمة سياسية لهذا الإشكال.

فبين أراضي الكيش الدالة على البعد الفيودالي، وأراضي الحبس الدالة على النمط التيوقراطي وإشكالية الأراضي التي استولت عليها الأملاك المخزنية بمقتضى قانون المغربية لسنة 1973 الذي تم بموجبه إدخال الأراضي المُسترجعة من المعمرين الإسبان إلى دائرة الأملاك المخزنية، يطفوا على السطح مشكل التحفيظ وما يرتبط من إكراهات وصراعات، منها ما هو مركون في ردهات المحاكم منذ عقود من الزمن دون أن تتمكن من البث فيها، بسبب غياب الإطار القانوني في هذا الباب… فكم من مواطن تقف له دائرة الأملاك المخزنية بالمرصاد أثناء عملية تحفيظ ملكه العقاري؟

وبين هذا وذاك، يطفو على السطح سؤال من يمتلك الأرض بالريف؟ ولماذا لم تُستغل المنطقة فلاحيا؟ ولماذا تكثر الأراضي “الموات” (التي لا يملكها أحد) ببلاد الريف؟ وما هي الأشكال العقارية السائدة؟

تشير مجموعة من الدراسات في هذا الباب إلى كون الأراضي ببلاد الريف تتسم بالتعقيد والتركيب الشديدين، تبدوا لظروف تاريخية مرتبطة باستحواذ المعمرين على الأراضي وإعادة توزيعها بعد ما سُمي بالاستقلال وتوظيفها في إطار عمليات الاحتواء والتدجين، تبدو في يد أقلية من كبار الملاكين “فمن بين 5 إلى 10% من الملاكين، كبار المستفيدين من تصفية الاستعمار القروي، يملكون 60% من الأراضي، و40%  من الفلاحين يملك الواحد منهم قطعة نصف هكتار”، “فأصحاب الأملاك الشاسعة يصل عددهم إلى بضعة آلاف يمتلكون ربع الأراضي، ويبدوا أن هذه النسبة مرشحة للارتفاع في برنامج مخطط المغرب الأخضر (2008-2023) الذي بدأ في تفويت ضيعات صوديا وصوجيطا للأعيان وعملاء النظام الذي يستفيدون اليوم كما استفادوا مع الاحتلال الإسباني نظير عمالتهم.

وتتسم الطبيعة العقارية للأراضي ببلاد الريف الأخرى بالتعقيد والتركيب الشديد عاكسة بذلك الطبيعة التركيبية للمجتمع، “فثمة أنماط عقارية تتجاور في نفس المجال، بالرغم من انتمائها لسجلات ثقافية واجتماعية متناقضة، فأراضي الملك الخاص ذي الاستغلاليات الكبرى المعبرة عن نمط رأسمالي تنوجد قريبا من الأملاك المخزنية المعبرة عن زمن الدولة المخزنية، أو قريبا من أراضي الجموع المشيرة إلى النسق الاشتراكي، أو أراضي الشرفاء والزوايا المنتمية لسجل التدبير التيوقراطي، أو أراضي الكيش الدالة على البعد الفيودالي، ما دامت هذه الأراضي قد اقتطعت فعلا إلى قبائل وأفراد لقاء خدمات عسكرية لفائدة المخزن”، وهذا يبين بوضوح عمق العطب، والذي هو “النمط العقاري للأرض” إذا لا إصلاح زراعي ولا مخطط فلاحي ناجح دون إعادة النظر في سؤال الملكية العقارية للأرض، “ذلك أن الوضعية العقارية للأرض هي المهيمنة على المسألة الفلاحية، ولذلك فإنه لا إصلاح زراعي بدون إدخال هذا العنصر الحيوي في الاعتبار. فالأرض ممركزة في يد أقلية من الملاكين بينما تظل نسبة 50% من الفلاحين لا تملك أي شبر أو تملك فقط قطع صغيرة المساحة ومجزأة”، بالإضافة إلى الطبيعة العقارية للأرض بالريف كإحدى العوامل المعرقلة للنمو الاقتصادي ذو العلاقة بالإنتاج الفلاحي، والطبيعية التضاريسية، تقف “الأراضي الموات” كإحدى عوامل العرقلة الأخرى للاستغلال الفلاحي في المجال القروي، فهي الأراضي التي لا يملكها أحد، كما أنها لا تعرف استغلالا فلاحيا من طرف أي كان، وتندرج بدورها ضمن دائرة الأملاك المخزنية، على اعتبار أن الدولة هي المسؤولة رسميا عن تدبيرها وتملكها، وهناك من يذهب إلى القول بإمكانية تملك هذه الأراضي بعد احيائها واستغلالها لمدة معقولة، عملا بالقاعدة الفقهية الإسلامية التي تقول: “من أحيا أرضا مواتا صارت له”، لكن التطبيق الحرفي لهذه القاعدة غير موجود، أو لا يجد لنفسه مكانا في جغرافيا العالم القروي ببلاد الريف الخاضعة للحكم السلطاني، فالأرض “للسلطان الذي هو ظل الله في أرضه”، فثمة أراضي عديدة ومترامية الأطراف بجبال الريف لا تعرف إلى الاستغلال طريقا، بالرغم من توفرها على مياه جوفية مهمة، وبحكم غياب المستند القانوني (الملكية) تخرج هذه الأراضي من مجال تحكم الأفراد والقبائل في صيغة الملك الفردي أو الجماعي، ويتم اقحامها بقوة في مجال الملك المخزني الذي لا حدود له، باعتبار أن الدولة بمقدورها إشهار قانون نزع الملكية في وجه الجميع.

 

24/03/2018

مقالات ذات الصلة

7 سبتمبر 2024

نشرة إنذارية حمراء : أمطار قوية جدا ستجتاح مختلف مناطق المغرب

7 سبتمبر 2024

بيان ناري من حزب الحركة الشعبية ينتقد بشدة محمد الفضيلي رئيس جماعة بنطيب المعزول ويتوعد باقي الأعضاء “الخونة”

7 سبتمبر 2024

المجموع 12 ميدالية … أيمن الحداوي يهدي المغرب الميدالية الذهبية و أيوب السادني يحرز الفضية في الألعاب البارالمبية

7 سبتمبر 2024

الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله يهنئ من أسماه ب “الرفيق” بعد انتخابه رئيسا لجماعة بنطيب بالدريوش

7 سبتمبر 2024

السويد تقرر إلزام طالبي اللجوء بالبقاء في مراكز إيواء وسحب الإمتيازات المخولة لهم

7 سبتمبر 2024

إستثمار ضخم في قطاع النسيج بالمغرب ب 400 مليار سنتيم سيوفر 11 ألف منصب شغل

7 سبتمبر 2024

سابقة : عرض 373 تلميذ للبيع بالقنيطرة يثير ضجة كبيرة

7 سبتمبر 2024

عوض أكادير … المنتخب الوطني المغربي يلعب مبارياته المقبلة بملعب وجدة

7 سبتمبر 2024

الحكومة تؤجل قرار كان سيلهب أسعار السيارات في المغرب

7 سبتمبر 2024

مئات الآلاف من الفرنسيين في مظاهرات واحتجاجات صاخبة ضد “ديكتاتورية الرئيس ماكرون”

7 سبتمبر 2024

وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يقطع الماء والكهرباء على أئمة المساجد

7 سبتمبر 2024

السلطات الجزائرية تكشف عن نسبة 4 في المائة من المصوتين في الانتخابات الرئاسية لحدود العاشرة صباحا

7 سبتمبر 2024

الزيتون ب 25 درهم بالجملة في الأشجار … وزيته يصل 110 دراهم لليتر في المغرب

7 سبتمبر 2024

“ماركا” تثير رفض زياش منح الفرصة لدياز رغم محاولات الأخير

7 سبتمبر 2024

رئيس مجلس الإدارة الجماعية للبنك الشعبي الجهوي بوجدة يتسبب في هجرة مئات الزبناء والمتعاملين