السجن في الناظور عقوبة لكل مرتاديه ، وبمجرد أن يلج المعتقل السجن المدني ، الذي يفتقد لكل المقومات فإن عائلته كلها تعتبر نفسها مدانة بالحكم نفسه … أي أن الفترة التي يقضيها السجين خلف القضبان التاظورية تظل خلالها عائلته كلها سجينة معه، بتفكيرها وتحركاتها وزياراتها وهمومها.
هذا الواقع يبدو جليا وبشكل يومي أمام البوابة الرئيسية للسجن . فهناك مئات العائلات التي تتحرك يوميا لحمل الأغراض ، حيث تصبح العائلة مطالبة بتوفير كل مستلزماته. والغريب أن أغلب السجناء يتحولون إلى مدللين لدى عائلاتهم بعد دخولهم السجن وتصبح تلبية مطالبهم شيئا مقدسا.
السجناء يشركون معهم أيضا أفراد عائلاتهم في الإهانات التي يتلقونها، بل إن عائلات السجناء يسمعون من الإهانات ما لا يسمعه السجناء أنفسهم، ومن أراد التأكد فليأخذ مكانه أمام باب السجن ، في ساعات الزيارة، وسيرى كيف يتفنن بعض الحراس في إسماع الزائرين كل أنواع الشتائم والإهانات، وهناك من الحراس من يستغلون هذه الفرصة لكي يفرغوا كل مكبوتاتهم من الشتم والكلام الفاحش في وجوه النساء الزائرات.
السجن في الناظور معضلة حقيقية لأنه يشكل عقوبة للمجتمع وليس للسجين. وما هو أكثر من ذلك أن الإدارة الحالية اعتبرت السجن وسيلة للاغتناء، فباعوا واشتروا في كل شيء داخل أسوار السجن، وحولوا بؤس الآخرين إلى آلة تمطرهم بكثير من المال.
الأمم التي تحترم نفسها تتعامل مع قضية السجون بطريقة مختلفة. إما أنها تبني عددا كافيا من السجون تحترم فيها الكرامة الإنسانية في مستوياتها الدنيا أو أنها تبحث عن بدائل، ومن بين البدائل الحكم بالأشغال على السجناء، خصوصا الذين لم يرتكبوا جرما كبيرا يستحقون عليه عقوبة السجن القاسية ..
وامام إستفحال ظاهرة التسيب داخل السجن المدني بالناظور ، أصبح بمثابة بقعة سوداء ، والتي لا تتعدى كونها محضنًا لتدريب السجناء على الإجرام بطريقة مؤطرة من خلال السياسة القمعية التي تنهجها إدارة المؤسسة في حق عموم السجناء .