مع وضع الرئيس البيروفي بيدرو كاستيو رهن الاعتقال في مركز للشرطة في ليما، غداة إقالته واعتقاله خلال يوم حافل بالتحولات السياسية تجلت في تنصيب نائبته دينا بولوارت رئيسة للدولة، تكون الدبلوماسية المغربية قد ربحت بطريقة غير مباشرة من تنحي كاستيو عن السلطة، إذ كان يبتز الرباط بورقة الإعتراف بجبهة البوليساريو مقابل شحنات الفوسفاط.
ومع هذا التحول السياسي في البيرو، ستحاول المملكة إعادة قراءة تمركزها البدلوماسي في هذه الدولة، على اعتبار أن العائق الدبلوماسي الذي كان يعيق إنضاج العلاقات هو تواجد الرئيس بيدرو كاستيلو في السلطة، وهو الآن تم عزله من طرف البرلمان، وبالتالي تحييد عقبة في طريق تطوير العلاقات على أساس احترام سيادة الدولتين ومن ثم يحث سبل التعاون الاقتصادي الذي يحفظ مصالح البلدين.
وبإعلان بيدرو كاستيلو، السابق عن دعم جبهة البوليساريو وتقرير مصيرها، كان قد أعاد الاعتراف بعدما كان قد سحبه وزير خارجية هذا البلد ميغيل آنخيل رودريغيز ماكاي. وكان هذا الأخير قد أعلن في بيان رسمي منتصف غشت الماضي أن “حكومة جمهورية البيرو، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء، تقدر وتحترم السلامة الإقليمية للمملكة المغربية وسيادتها الوطنية، فضلاً عن خطة الحكم الذاتي لهذا النزاع الإقليمي، ووفقا للقانون الدولي، مع الاحترام الكامل لمبادئ السلامة الإقليمية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ودعما للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي وواقعي ودائم وتوافقي بشأن الجدل حول الصحراء المغربية”.
لكن الرئيس بيدرو كوستيلو الذي يقبع الآن تحت أيدي الشرطة، دفع باعترافه للجبهة، وزير الخارجية إلى تقديم استقالته، بعد الاختلاف الحاصل بينهما في ملفات دولية، وكان ملف الصحراء الملف الذي فجر الأمور.
وكان وزير الخارجية البيروفي السابق، بعد استقالته بنحو أسبوع، اعتبر أن كاستيو أدار موضوع الصحراء المغربية بـ“مزاجية” قائلا إن “رئيس الدولة قد فهم جيدا أن الكيان المزعوم لا وجود له على مستوى القانون الدولي”.
وقال الوزير السابق خلال حوار مع صحيفة “إنفوباي” الأرجنتينية، إن “سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية كان قرار بيدرو كاستييو”، مضيفا أن السياسة الخارجية يتم توجيها من قبل الرئيس.. الخارجية قامت باستعراض الأخطاء التي ارتكبت..لقد شرحت للرئيس وفريقه، المتواجد في قصر الحكومة، أنه في الواقع، الجمهورية الصحراوية هي نتيجة لمسلسل أعدته البوليساريو، بدعم من الجزائر”.
وتساءل مكاي، “أين هي الدولة الصحراوية”، موضحًا أن “العنصر الأساسي لقيام دولة ما هو وجود أمة وأرض”، مشددا على أنه “قدم هذا التفسير لرئيس الدولة، الذي فهمه وقال له حرفياً.. لنمضي قدماً لتفعيل عملية سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية”.
وتعتبر البيرو من دول أمريكا اللاتينية التي غيرت موقفها من الصحراء مرات عديدة منذ الثمانينات. وكانت البيرو قد اعترفت بالبوليساريو كدولة سنة 1984 إبان رئاسة فيرناندو بلاوندي، ثم جمد الاعتراف الرئيس ألبيرتو فوجيموري سنة 1996، وحدث الاعتراف مجددا مع الرئيس الحالي بيدرو كاستليو خلال شتنبر 2021، وجرى تجميد الاعتراف مجددا مع الرئيس نفسه خلال غشت الماضي
08/12/2022