أدى الإعلان في إسبانيا عن إلغاء جائزة سنوية لمصارعة الثيران إلى إعادة إحياء النقاش في شأن هذا النوع من الأنشطة، وإلى منازلة على الحلبة السياسية بين الحكومة اليسارية والمعارضة اليمينية، حيث أثار القرار انتقاد ساسة محافظين لما يرونه تخليا عن تقليد يعود إلى قرون، فيما يقول معارضوه إنه “تعذيب” لتلك الحيوانات.
وتُعتبر مصارعة الثيران على الطريقة الإسبانية، التي عادة ما تنتهي بقتل الحيوان بطعنة سيف من مصارع، تقليدا ثقافيا بالنسبة إلى مؤيديها في حين يصفها المعارضون بأنها تقليد قاس لا مكان له في المجتمع الحديث.
وكشفت وزارة الثقافة أنها اتخذت قرارها بإلغاء الجائرة بناء على “الواقع الاجتماعي والثقافي الجديد في إسبانيا”، إذ تزايدت المخاوف المتعلقة بالرفق بالحيوان فيما تتراجع نسب الحضور في معظم حلبات مصارعة الثيران.
وقال وزير الثقافة إرنست أورتاسون لتلفزيون “لا سيكستا” “لم يبدُ لنا مناسبا الحفاظ على جائزة تكافئ شكلاً من أشكال إساءة معاملة الحيوانات”، مشيرا إلى أن “غالبية الإسبان يشعرون بقلق متزايد” بشأن احترام الحيوانات.
وعلّلَ الوزير المنتمي إلى حزب “سومار” اليساري المتطرف عدم الإبقاء على هذه الجائزة ذلك أن “هذه الأشكال من تعذيب الحيوانات تكافأ بميداليات” وبمبالغ من “المال العام”.
معارضة مصارعة الثيران تنامت في أميركا اللاتينية، التي انتقل إليها التقليد في القرن السادس عشر قبل أن ينتشر في جنوب فرنسا في القرن التاسع عشر.
وأضاف وزير الثقافة على موقع إكس للتواصل الاجتماعي “هناك شعور ينتاب غالبية الإسبان وهو أنهم لا يفهمون أسباب ممارسة تعذيب الحيوانات في البلاد.. ناهيك عن تلقي هذا التعذيب تمويلا عاما”.
وأصبحت مصارعة الثيران في الآونة الأخيرة قضية حاسمة في الصراعات الثقافية في إسبانيا، إذ تتصارع الأحزاب اليسارية مثل سومار مع المحافظين اليمينيين الذين يدعمون هذا التقليد، إذ سارع الحزب الشعبي اليميني، وهو الطرف الرئيسي في المعارضة، إلى التعهد بإعادة هذه الجائزة في حال تولى السلطة مجددا.
وقال بورخا سمبر المتحدث باسم حزب الشعب المحافظ المعارض للصحافيين إن خطوة الحكومة أظهرت أنها “لا تؤمن بالتنوع الثقافي أو الحرية”، وأن حزبه سيعيد الجائزة في حال استعاد السلطة.
ورأى رئيس الكتلة النيابية للحزب ميغيل تيلادو أن “مصارعة الثيران جزء من ثقافة الإسبان ومن تقاليدهم، وهو جزء من هويتهم كشعب”.
ولفت خورخيه أثكون زعيم حزب الشعب في منطقة أراغون إلى أن الحزب يعتزم تقديم جائزة أخرى، مضيفا “يجب أن تكون التقاليد شيئا يوحّدنا بدلا من أن يفرّقنا”.