لا يزال ملف الفساد في المغرب، يُثير الكثير من الجدل، حيث يضع المعارضة البرلمانية والحكومة في مواجهة متواصلة، مطالبة بإيجاد حلول فعّالة لتقليص هذه الظاهرة التي باتت تُثقل كاهل الدولة وتؤثر على ثقة المواطنين في المؤسسات.
وبينما تُلقي أصوات المعارضة الضوء على استمرار انتشار الفساد وتغلغله في مختلف القطاعات، تأتي تصريحات المسؤولين الحكوميين لتقديم وجهة نظر مختلفة، تُبرز المجهودات المبذولة وتُقلل من حجم الظاهرة.
وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في واجهة النقاش خلال عرضه للميزانية الفرعية لوزارة الداخلية أمام لجنة الداخلية بمجلس المستشارين.
ورد الوزير بقوة على اتهامات الفساد التي تُلاحق المنتخبين، مُعتبراً أن مثل هذه الادعاءات تُعمم بشكل غير مبرر، حيث أشار إلى أن الحالات المتورطة في قضايا فساد لا تتجاوز 1% من أصل 34 ألف منتخب.
وشدد على أن الغالبية العظمى من المنتخبين هم أشخاص شرفاء يعملون بإخلاص ويستحقون الإشادة بدلاً من الاتهام الجماعي.
تصريحات لفتيت جاءت لتؤكد أن التعميم في الحديث عن الفساد يُعتبر نوعاً من الظلم، خاصة وأن هناك إجراءات رقابية وقضائية قائمة لمتابعة كل انحراف أو خرق للقوانين.
وأضاف أن المنتخبين يعملون بشفافية ويُقدمون جهوداً كبيرة في تسيير الشأن العام، مما يُظهر الحاجة لدعم هذه الفئة بدلاً من الإضرار بسمعتها..
وفي سياق محاربة الفساد والرشوة، عرضت الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة جهودها أمام البرلمان، وسط مناقشات ساخنة حول فعالية الإجراءات المتخذة.
وشبه بعض المستشارين البرلمانيين الفساد بمتحور كورونا، الذي يغير أساليبه كلما تم تطوير أدوات لمحاربته.
وأشاروا إلى أن الفساد بات يكلف المغرب ما يعادل 5% من الناتج الداخلي الخام، مما يستدعي اتخاذ إجراءات جريئة وشاملة.
خلال النقاشات، أشار بعض المستشارين إلى أن مشكلة الفساد ليست فقط في السياسات أو القوانين، بل في تنفيذها على أرض الواقع. واعتُبر أن التعليم والتربية هما محوران أساسيان لتغيير الثقافة المجتمعية التي تتسامح مع الفساد.
كما دعا المتحدثون إلى تعزيز الشفافية وحماية المبلغين عن الفساد، مع تكثيف التعاون الدولي لمحاربة الظاهرة العابرة للحدود.
رغم الجهود المبذولة، لا يزال مؤشر الشفافية في المغرب يراوح مكانه منذ عقود، مما يُبرز الحاجة إلى رؤية أكثر شمولية لمحاربة الفساد.
ويتطلب الأمر، وفقاً للعديد من المتحدثين، تكاتف جميع الفاعلين، من الحكومة والقطاع الخاص إلى الإعلام والمجتمع المدني، من أجل تحقيق تغيير حقيقي.
ويعد الميثاق الوطني لمحاربة الفساد خطوة منتظرة لتوحيد هذه الجهود، مع التركيز على تفعيل القوانين القائمة وإعادة النظر في الأولويات.
ما بين تصريحات المسؤولين وتقييمات المعارضة، يظل ملف الفساد أحد أبرز التحديات التي تواجه المغرب.
ولكن، يبقى الأمل معقوداً على الإرادة السياسية والتعاون المجتمعي لبناء مؤسسات أكثر شفافية ونزاهة تخدم مصلحة الجميع.
كواليس الريف: متابعة
27/11/2024