في تكرار لمشهد مؤثر أدهش العالم في 2018، شوهدت الحوت القاتل “تاليكوا” وهي تدفع بجثة صغيرها الميت لعدة أيام، فهذه الظاهرة المؤلمة ليست جديدة على “تاليكوا”، فقد سبق أن قطعت مسافة تزيد على 1600 كيلومتر حاملة جثة صغير آخر لمدة 17 يوما، في تعبير عاطفي لاقى اهتماما عالميا.
فوفقا لخدمات المصايد البحرية الوطنية الأمريكية (NOAA)، ظهرت “تاليكوا” آخر مرة يوم الأحد الماضي في مياه مضيق بيوجت قبالة سواحل ولاية واشنطن، وهي تدفع بجسد صغيرها الذي لم يمر سوى أيام قليلة على ولادته.
فالحيتان القاتلة التي تعيش على الساحل الجنوبي الغربي للولايات المتحدة تواجه تحديات متعددة، حيث انخفض عددها إلى 75 فقط مقارنة بـ98 في التسعينيات، فمن أبرز هذه التحديات العزلة الجينية، حيث ان تزايد التزاوج بين الأفراد من نفس السلالة يؤدي إلى ضعف التنوع الجيني.
كما ان الأنشطة البشرية أحد الاسباب، فالتلوث وضوضاء السفن تعيق التواصل بين الحيتان وصيدها للفرائس، كذالك ندرة الغذاء، في ضل انخفاض أعداد سمك السلمون، الغذاء الأساسي لهذه الحيتان، يضعها تحت ضغط كبير.
فما تقوم به “تاليكوا” يُعرف بالسلوك “الإبيميليتي”، وهو تصرف يظهر عندما يعتني حيوان بصغير مريض أو ميت. هذا السلوك لا يقتصر على الحيتان فقط، بل لوحظ أيضًا لدى الشمبانزي، الأفيال، وحتى الطيور مثل الغربان، حيث تشير الدراسات إلى أن العلاقة بين الأم وصغيرها في عالم الحيوان تشبه في قوتها الروابط البشرية.
وتسلط قصة “تاليكوا” الضوء على ضرورة فهم تعقيد المشاعر لدى الكائنات البحرية وتعزيز الجهود لحمايتها من التهديدات البيئية والبشرية، فالحوت القاتل ليس مجرد مخلوق بحري، بل رمز لعالم مليء بالمشاعر العميقة والروابط القوية التي تستحق الاحترام والتقدير.
فهذه الحادثة المؤلمة تذكرنا بأن حماية الحيتان القاتلة لا تقتصر فقط على حفظ نوعها من الانقراض، بل تشمل أيضًا احترام مشاعرها العاطفية العميقة التي تعكس ذكاءً ووعيًا يتجاوزان ما كنا نعتقده سابقًا.
10/01/2025