يظل الجدل حول تاريخ الجزائر موضوعًا شائكًا، خاصة حين يصدر عن شخصيات وازنة مثل “Alain Juillet”، المدير السابق للاستخبارات الفرنسية، الذي صرح بأن “فرنسا هي التي ابتدعت الجزائر”، مؤكدًا أن هذا الكيان لم يكن له وجود قبل الاستعمار الفرنسي. هذا الطرح ليس جديدًا، بل سبقه إليه “فرحات عباس”، الرئيس السابق للحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية، الذي كتب عام 1936: “لو أنني اكتشفت أمة جزائرية لكنت وطنيا، لن أموت لأجل وطن غير موجود”.
تاريخيًا، كانت المنطقة المعروفة اليوم بالجزائر خاضعة لحكم الدولة العثمانية دون أن تكون دولة مستقلة بذاتها، وهو ما أشار إليه “Juillet”، موضحًا أن حرب الاستقلال كانت الفرصة التي ساهمت في تشكيل الهوية الجزائرية. لكنه استغرب من الخطاب الرسمي الجزائري الذي يحمّل فرنسا مسؤولية كل مشاكل البلاد، في الوقت الذي يعود الفضل لها، حسب زعمه، في إنشاء الجزائر الحديثة، بما في ذلك تسميتها عام 1838.
أما عن العلاقة الحالية بين البلدين، فيرى “Juillet” أن الجزائر تستفيد من الامتيازات الفرنسية عبر الاتفاقيات الثنائية، مشيرًا إلى أن المهاجرين الجزائريين يشكلون حضورًا كبيرًا بفضل هذه الامتيازات. كما اعتبر أن التحريض الجزائري ضد فرنسا بعد اعترافها بمغربية الصحراء يكشف تناقض النظام العسكري الحاكم، قائلاً إن هؤلاء لو امتلكوا ذرة ذاكرة لكانوا يهتفون: “تحيا الجزائر الفرنسية”.
وفي السياق نفسه، أعاد تصريح الرئيس الفرنسي الأسبق “شارل ديغول” عام 1959 فتح النقاش حول سيادة الجزائر، حيث قال: “لم تكن هناك يومًا دولة جزائرية، بل كانت هذه الرقعة تحت حكم قرطاجيين، رومان، بيزنطيين، عرب، أتراك، وفرنسيين”.
هذا الطرح يفتح الباب أمام تساؤلات تاريخية وسياسية جوهرية، بين من يرى أن الجزائر دولة ذات عمق حضاري يمتد قبل الاستعمار، ومن يعتبر أن فرنسا هي التي صاغت ملامحها الحديثة.
10/02/2025