عندما تتلاقى النية الإجرامية مع الإدارة الفاسدة، تتجسد الجريمة في أيشع صورها، ليتحول المال والسلطة إلى أدوات لتزوير الواقع وطمس الحقيقة وسلب حقوق المواطنين، فهذا ما يتكشف في ملف مافيا العقار التي يتزعمها عبد الرحمن المكروض، المستشار بجماعة تادارت بإقليم جرسيف، ومساعده محمد لبرينصي، النائب الأول لرئيس غرفة الصناعة بجهة الشرق.
وتفيد المعطيات الجديدة بأن المكروض، بمعية عدول وموظفين عموميين، تورطوا في عمليات تزوير واسعة عبر استصدار وثائق رسمية مزورة، تضمنت بيانات وهمية من إدارة التسجيل التابعة للمديرية العامة للضرائب، كما أن الأخطر من ذلك، تشير المعلومات إلى أن هذه الشبكة اعتمدت على رئيس قسم بإدارة الضرائب، الذي كان يزوّدهم بأرقام تسجيل تسلسلية لإضفاء صبغة قانونية على العقود المزورة.
كما أن أحد أخطر الأدلة التي توصلت بها جريدة “كواليس الريف” ، كشفت هذا التلاعب هو وجود عقدين مختلفين يحملان نفس مراجع التسجيل، ما يطرح تساؤلات حول كيفية مرور هذه الجريمة دون تدقيق من الجهات المسؤولة ؟ وكيف لمثل هذه الخروقات الجنائية أن تفلت من الرقابة الإدارية والأمنية؟ وكيف لم يتم مراجعة هذه الوثائق التي استُخدمت لسلب الحقوق العينية للمواطنين ؟ ( أراضي المرحوم العزاوي بوجدة كدليل ) .
فرغم وضوح عمليات التزوير والاختلاس، لم يقتصر الأمر على التلاعب بالعقود للإستيلاء على أراضي الغير ، بل تعداه إلى بيع عقار “العزاوي” محل النزاع، في تحدٍّ صارخ للقانون ولما يُفترض أن تكون عليه دولة المؤسسات. والمثير للقلق أن التحقيقات الجارية لم تتعمق في هذه التفاصيل الجوهرية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول احتمالية وجود تواطؤ أو إهمال متعمد من بعض الجهات.
فالملف الآن بين يدي القضاء، بعد أن تقدم أعضاء من المعارضة بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة جرائم الأموال بفاس. الكرة في ملعب السلطات المختصة لكشف الحقيقة كاملة، ومعاقبة المتورطين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها. فهل ستنتصر العدالة أم ستظل هذه القضية مجرد حلقة جديدة في مسلسل الإفلات من العقاب؟ .