في كل جثة يلفظها المحيط الأطلسي على شواطئ جزر الكناري إلى وتروي مأساة إنسانية جديدة، حيث تحولت الجزر الإسبانية من وجهة سياحية إلى محطة أخيرة لأحلام انتهت في أعماق البحر، وبينما تتراكم الجثث على الشواطئ، تتجه أصابع الاتهام نحو الجزائر، التي تتهمها الصحافة الإسبانية بأنها طرف أساسي في هذه الكارثة، ليس فقط بتقاعسها عن وقف تدفق المهاجرين، بل بتسهيل عبورهم عبر أراضيها إلى موريتانيا، حيث تبدأ الرحلة القاتلة.
ولم يعد المهاجرون ينطلقون مباشرة من المدن الساحلية للمغرب كما كان مشاع، بل باتت الجزائر ممرا رئيسيا لعبور الآلاف من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى موريتانيا، حيث تنشط شبكات تهريب البشر بلا حسيب أو رقيب، وهناك، في مدن مثل نواذيبو، يتم تجميع المهاجرين في انتظار قوارب الموت التي تبحر نحو الكناري، في ظل تجاهل جزائري واضح لحجم الكارثة التي تتسبب فيها.
وتتهم الصحف الإسبانية الجزائر بدور مركزي في هذه المأساة، متهمة سلطاتها بغض الطرف عن عمليات تهريب البشر، بل واستغلال الأزمة كأداة ضغط سياسي ضد أوروبا، صحيفة El País وصحف أخرى أكدت أن الجزائر أصبحت “الممر الرئيسي” للمهاجرين، مشيرة إلى أن غياب أي إجراءات جادة من جانبها يجعلها شريكا في تفاقم الأزمة.
وقد وصل أكثر من 39,000 مهاجر إلى جزر الكناري عام 2024، لكن المأساة الحقيقية تكمن في من لم يصلوا أبدا، إذ يبتلع المحيط قوارب مكتظة، تاركا بعض الجثث تتهادى إلى الشواطئ بينما يختفي الباقون إلى الأبد.
وفي ظل هذا النزيف البشري، تستمر الجزائر في لعب دور المتفرج، تفتح حدودها لشبكات التهريب دون أي تدخل حقيقي، غير آبهة بآلاف الأرواح التي تتحول إلى أرقام في عداد المفقودين، بينما يواصل البحر ابتلاع المزيد من الضحايا.
24/03/2025