بعد أشهر قليلة من المراقبة المشددة ( ذبانة ماتزنزن ) … وفي مشهد أقرب إلى دراما سوداء تتقاطع فيها المصالح والخيانات، عرفت الأسابيع الأخيرة سواحل أقاليم الناظور والحسيمة ، مرورا بالدريوش ، تصاعدًا لافتا وخطيرًا في عمليات التهريب الدولي للمخدرات … وكأن البحر قد صار ممرًا مفتوحًا لشبكات تتقن اللعب في الظلال، مدعومة -كما تشير مصادر مطلعة لجريدة “كواليس الريف”- بتواطؤ صادم من بعض حماة القانون أنفسهم رغم قلتهم ، في وقت يتواجد فيه مسؤولين أمنيين نزهاء .
منذ أواخر مارس وبداية أبريل الجاري ، أصبح ليل تلك السواحل ( رأس الماء وقرية أركمان ، والهندس ، وبني شيكر ، وإعزانن ، وأمجاو ، وتروكوت ، وصولا إلى شواطئ إقليم الحسيمة شاهداً على تحركات مشبوهة، قوارب سريعة تخرج ليلا ، وأموالٌ تُدفع قبلا لتصمت العيون التي كان يفترض بها أن تسهر على أمن الحدود. ووفقًا لتلك المصادر، فإن بعض مراقبي الشواطئ وعناصر أمنية معينة – ينتظرها تنقيل وشيك في إطار الحركة الانتقالية المقررة في يونيو 2025 – قررت أن تجعل من هذه الفترة القصيرة “موسم حصاد” خاص بها، عبر جمع الإتاوات وتلقي الرشاوى مقابل التستر على أنشطة الشبكات.
الأنكى من ذلك، أن عدداً من هؤلاء المسؤولين لم يكتفوا بالصمت، بل تورطوا في توفير الحماية اللوجستيكية والغطاء الأمني، مقابل مبالغ ضخمة جعلت أرصدتهم تنتفخ، وثرواتهم تنمو بشكل مريب في ظرف زمني قصير. واللافت أن هذه الشبكات، التي تنشط بكثافة من رأس الماء بالناظور إلى سواحل الحسيمة، تمرّ بسهولة من تحت أنوف حراس كان يفترض بهم أن يكونوا سدًا منيعًا أمام كل اختراق.
وسط هذا المشهد الملتبس، تتعالى الأصوات الداعية إلى فتح تحقيقات موسعة، ليس فقط لكشف شبكات التهريب، بل لفضح كل من سهّل وساهم وتورط، أيًّا كان موقعه ورتبته. فالأمن ليس شعارًا يُرفع، بل مسؤولية ثقيلة، وأي خيانة لها هي خيانة للوطن كله.
فهل تكون الحركة الانتقالية المقبلة مجرد إعادة توزيع للمناصب؟ أم ستكون بداية تطهير حقيقي يعيد الثقة إلى المواطن، ويقطع الطريق أمام كل من باع شرف المهنة بثمن بخس؟
الأسئلة معلّقة، والبحر يهمس بأسراره… لكن الحقيقة لا تختفي طويلاً، حتى ولو أُغرقت في عمق الظلام.
17/04/2025