في مشهد درامي أعاد إلى الأذهان حكايات السفن التائهة في أعالي البحار، لفظت أمواج الأطلسي مساء أمس الخميس حطام القارب الشراعي “ACROBATICA” إلى سواحل شاطئ الوطية بإقليم طانطان، بعد شهور طويلة من إعلان تحطمه وسط المحيط خلال مشاركته في سباق دولي.
القارب الذي وُجد مقلوبًا ومتهالكًا وبدون أثر لأي طاقم، استنفر مختلف السلطات المحلية التي هرعت إلى موقع الحادث، كما أثار دهشة الساكنة والمصطافين الذين تجمهروا حوله في محاولة لفهم خلفية هذا “الزائر الغامض”.
وحسب معطيات متطابقة من مواقع بحرية متخصصة، فإن القارب ينتمي لفئة Class40 المخصصة لسباقات المحيطات، وكان يشارك في سباق Transat Québec–Saint-Malo خلال صيف 2024، حين تعرّض لحادث اصطدام عنيف وسط المحيط الأطلسي، على بُعد نحو 300 ميل شمال جزر الأزور. وتشير الرواية إلى أن القارب اصطدم بجسم ضخم يُرجّح أنه ناقلة نفط ترفع علم ليبيريا، وسط ظروف جوية صعبة من رياح قوية وأمواج عاتية.
ورغم خطورة الحادث، فقد تمكن طاقم “ACROBATICA” المكوّن من ثلاثة بحّارة، من النجاة بأعجوبة، بعد أن تم إنقاذهم من طرف سفينة الشحن “Silver Ray” في واحدة من أصعب عمليات الإغاثة البحرية في العام. أما القارب، فقد تُرك لمصيره العائم، وافترض الجميع أنه غرق إلى الأبد.
لكن المفاجأة جاءت بعد أسابيع، عندما أبلغت سفينة شحن هولندية عن مشاهدتها لحطام القارب وهو لا يزال يطفو في عرض المحيط، متحديًا الزمن والغرق، رغم الأضرار البادية على هيكله.
واليوم، وبعد رحلة غامضة ومثيرة امتدت لآلاف الأميال، يعود “ACROBATICA” إلى الواجهة، مدفوعًا بتيارات الأطلسي، ليستقر أخيرًا على الرمال الذهبية لشاطئ الوطية، كأنما جاء ليقول:
“لم أغرق بعد … أنا قارب يتنفس المغامرة، وأحمل ذاكرة الرياح والصراع مع الموت.”
20/06/2025
