في مشهدٍ أشبه بحلم أخضر لا نهاية له، تحوّلت العاصمة الألمانية برلين إلى كوكب بديل طغت عليه رائحة القنب ووهج الأضواء. أكثر من 65 ألف شخص توافدوا من كل أصقاع الأرض لحضور مهرجان “ماري جين برلين 2025″، الذي رسّخ مكانته كأكبر مهرجان عالمي مخصّص للقنب بجميع فروعه وألوانه ومشتقاته.
في القاعات وخارجها، تناثرت أكثر من 500 منصة عرض قدّمت أحدث ابتكارات “الصناعة الخضراء”؛ من مستحضرات التجميل والعناية، إلى الأدوية، فالمشروبات، وحتى قطع الأثاث المعالَجة بالقنب. أما الجمهور، فكان في انسجام تام مع الأجواء، يلتقط الصور، يشارك في الورش، أو يكتفي بالتأمّل تحت عجلة دوّارة عملاقة أُقيمت خصيصًا لتطلّ على مشهد لم تألفه أوروبا من قبل بهذه الحماسة.
لكن الحدث الذي سرق الأضواء بلا منازع، كان الظهور المفاجئ لأسطورة الملاكمة “مايك تايسون”، الذي تحوّل في السنوات الأخيرة إلى أحد أبرز المدافعين عن تقنين القنب، بل ويمتلك علامة تجارية باسمه. الجماهير احتشدت لالتقاط صور معه، وكأنه “بابا نويل” النسخة الخضراء!
وإلى جانب الموسيقى الحيّة التي هزّت المدرجات بقيادة النجم “سامي ديلوكس”، شهد المهرجان ندوات علمية حافلة شارك فيها نحو 90 خبيرًا من مختلف أنحاء العالم، بحثوا مستقبل القنب بين الطب والتشريع والاستدامة. وتحوّلت إحدى أغاني الفنان الألماني ستيفان راب الساخرة إلى نشيد غير رسمي للمهرجان، خاصة بعد منحه جائزة “ماري جين 2025” تقديرًا لمساهمته في تغيير الخطاب العام حول هذه النبتة المثيرة للجدل.
من جهته، عبّر مؤسس المهرجان “نهونغ نغوين” عن فخره بهذا الإنجاز، قائلًا: “بدأنا الحلم بـ9000 زائر، وها نحن نملأ برلين. العالم لم يعد يخاف من القنب… بل يحتفي به.”
أما أبرز مستجدات هذه النسخة فتمثّلت في التوسعة الضخمة للمنطقة الخارجية، وإقامة “منطقة تأمّل” خالية من الكحول لتشجيع الاستهلاك الواعي، فضلًا عن تركيز خاص على الجانب الطبي، مع مشاركة لافتة من شركات أدوية ومختبرات بحثية.
لكن، وسط هذا البذخ النباتي والمشهد الحضاري، لا يسع المرء إلا أن يتساءل: هل كان “حشيش كتامة” سيحظى يومًا بمكانة عالمية لو عرف طريقه إلى مثل هذه المنصات؟ أم سيبقى حبيس القصص الشعبية، ملفوفًا في أوراق صفراء بين جبال الريف، يتسلّل سرًا بين الأسواق… بينما زميله الأوروبي يطير بطائرة خاصة نحو مهرجانات برلين ؟!
24/06/2025