في مدينة سبتة المحتلة، حيث تختلط مياه المتوسط بشوائب السياسة المحلية، اجتمع مجلس الجمعية العامة ليقرّر منح “ميداليات الحكم الذاتي” لعام 2025. النتيجة كانت متوقعة لولا عنصر مفاجئ أربك الحسابات: عداء مغربي يُقترح لتكريم رسمي. وهنا، استنفر حزب “ڤوكس” أقصى درجات الاستنفار… فقد دق ناقوس الخطر.
ثلاثة مرشحين، ثلاث حكايات:
— الأول، فرقة GEAS التابعة للحرس المدني، نالت التكريم تقديرًا “لخدماتها” في المياه الإقليمية، خصوصًا في مهام “الردع البحري”، وهي التسمية الرسمية لتوقيف الزوارق المطاطية المحمّلة بأحلام الفقراء.
— الثاني، خوسيه مانويل غارسيا فيردوغو، عالم أحياء، حصل على الميدالية دون اعتراض، وربما ساعده اسم عائلته – “فيردوغو”، الذي يعني بالمصادفة “الجلاد”.
أما الثالث، محمد عبد السلام بيلي، عداء مغربي الأصل، ابن سبتة، حائز على ألقاب وميداليات وطنية ودولية… لكنه ارتكب خطأين جسيمين حسب معايير “ڤوكس”: اسمه “محمد”، وهو ناجح.
حزب “ڤوكس”، المدافع عن “نقاء الجوائز”، لم يتردد في التصويت ضد بيلي. أربعة أصوات قالت “لا”، لأن الإنجاز الرياضي لم يكن مصحوبًا بلون بشرة مناسب أو نشيد قومي يُرتّل مع كل خطوة على المضمار.
ردّ حزب MDyC عبر النائبة المغربية نادية محمد، التي أكدت برباطة جأش أن وجود “اليمين المتطرف” في الجمعية يجعل التوافق أمرًا مستحيلًا، مضيفة: “طالما يوجد أشخاص مثل بيلي، سنستمر في تقديم ترشيحاتنا”. تصريح أربك حسابات “ڤوكس”، وكاد يدفع بعض أعضائه للبحث عن أبواب الطوارئ.
من جهتها، دعت جوليا فيريراس من “سبتة الآن!” إلى إصلاح جذري في نظام منح الميداليات، ليُبنى على الكفاءة والجدارة لا على المحسوبيات السياسية أو السمات الوراثية. لكن، كيف يمكن الحديث عن الشفافية مع حزب يرى في الاختلاف تهديدًا وجوديًا؟
وهكذا، مُنحت الميدالية للغواصين “لحمايتهم الحدود”، وللعالِم “لرفعه اسم المدينة”، بينما حُرم منها بيلي، لا لأنه لم يركض بما فيه الكفاية، بل لأنه سبقهم إلى خط النهاية دون أن يمر عبر “بوابة الانتماء الرسمي”.
وعندما يأتي يوم 2 سبتمبر، يوم “الاحتفال بالحكم الذاتي”، سترتفع الشعارات وتُصفق الأيادي وتُوزع الأوسمة… لكن ستظل شوكة عالقة في حلق الاحتفالات: اسمها محمد. شوكة تذكّرهم بأن التاريخ لا يكرّم الأسماء… بل من يصل أولًا. وبيلي؟ وصل، وترك ظله أمامهم… يركض .
26/06/2025