لم يعد الغش في مباريات ولوج المدارس والمعاهد العليا مجرد سلوك فردي ظرفي، بل تحوّل إلى ظاهرة رقمية عابرة للزمن والمكان، تتجدد في كل استحقاق وطني. فقد أصبحت منصات التواصل الاجتماعي، في لحظات قليلة من انطلاق الامتحانات، تعجّ بنسخ الأسئلة مصحوبة بالأجوبة، ما حوّل قاعات الامتحان إلى مسرح للاحتيال المنظم، وأثار تساؤلات عميقة حول فعالية الإجراءات الرقابية أمام المدّ التكنولوجي المتصاعد الذي يهدد مصداقية المنظومة التعليمية برمّتها.
وفي هذا السياق، عبّر عبد العزيز موماد، مفتش في التوجيه التربوي، عن قلقه إزاء استفحال ظاهرة الغش، مؤكداً أنها أصبحت آفة تربوية حقيقية تتنامى مع تطور أدوات التكنولوجيا. واعتبر أن الغش لم يعد مقتصرًا على الطلبة المتعثرين فقط، بل أصبح يشمل حتى المتفوقين، بدافع الرغبة في التميز بأي وسيلة، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات كثيرًا ما تجري بتواطؤ غير مباشر من بعض الأسر. وأوضح أن الدوافع متعددة: من قلة الثقة بالنفس، والضغط المجتمعي، إلى ضعف التحصيل، وطرق التدريس التقليدية، علاوة على تساهل المراقبة وسهولة اختراقها بالأجهزة الذكية.
ولم يغفل موماد الحديث عن التداعيات الخطيرة للغش، سواء على الفرد أو المجتمع، محذّرًا من نتائج وخيمة تشمل تدهور الكفاءة، فقدان روح الاجتهاد، وتنامي الكذب والخداع كقيم بديلة عن الصدق والمسؤولية. واعتبر أن تخريج أطر غير مؤهلة بسبب هذه الممارسات يشكل خطرًا على بنية المجتمع وركائز تنميته. وللتصدي لهذه الظاهرة، دعا موماد إلى اعتماد إصلاح تربوي شامل، يرتكز على تنمية المهارات والفهم، مع دعم نفسي وتربوي للتلاميذ، وتطبيق صارم للقوانين، مبرزًا أهمية دور الأسرة والمدرسة في ترسيخ قيم الأمانة والصدق، وختم بالقول: “الغش ليس طريقًا إلى النجاح، بل بداية لانهيار الضمير الفردي والجماعي”.
19/07/2025