أدرجت المفوضية الأوروبية إسبانيا ضمن أربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تواجه أعلى مستويات الضغط الهجري، ما يمنحها الحق في طلب تضامن باقي الدول الأعضاء وتفعيل الآلية الجديدة المنصوص عليها في الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء. هذه الآلية تتيح إعادة توطين جزء من المهاجرين الوافدين بشكل غير نظامي إلى أراضيها في دول أوروبية أخرى. ويأتي هذا القرار ضمن أول تقرير سنوي للمفوضية حول الوضع الهجري في الاتحاد الأوروبي، في انتظار دخول الميثاق الجديد حيز التنفيذ منتصف سنة 2026.
وترى بروكسل أن إسبانيا وإيطاليا تتحملان عبئاً “غير متناسب” بسبب ارتفاع عدد المهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر خلال العام الماضي، فيما تواجه كل من اليونان وقبرص ضغطاً مشابهاً. ولا يعني هذا التصنيف تفعيل الآلية بشكل تلقائي، لكنه يجعل هذه الدول مؤهلة للاستفادة من “خزان التضامن الأوروبي” المخصص لمساعدة الدول التي تتعرض لضغط الهجرة. وقال المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة ماركوس برونر إن النظام الجديد “ليس مثالياً، لكنه خطوة أفضل من الجمود”.
وتهدف الآلية إلى نقل ما لا يقل عن ثلاثين ألف مهاجر سنوياً بين الدول الأعضاء، مع السماح لمن يرفض استقبالهم بدفع تعويض مالي قدره عشرون ألف يورو عن كل حالة، أو تقديم دعم يعادل هذا المبلغ. وتشكل هذه الإجراءات قاعدة قانونية لتقاسم الأعباء داخل الاتحاد الأوروبي، فيما ستُحدد الحصص النهائية بقرار من مجلس الاتحاد بعد أن تقدم الدول التزاماتها الرسمية وفقاً لمعايير العدالة في التوزيع.
وتتيح القواعد الجديدة للدول المرونة في شكل مساهمتها، سواء عبر استقبال المهاجرين، أو تمويل عمليات الترحيل، أو تقديم دعم مادي وتقني، أو الجمع بين هذه الخيارات. كما حددت المفوضية اثنتي عشرة دولة أخرى مرشحة للتعرض لضغط هجري في المستقبل، من بينها ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وبولندا وفنلندا، والتي ستحظى بالأولوية في الاستفادة من الدعم الأوروبي.
وخلال عرض التقرير، أكد المفوض برونر أن الميثاق الجديد يهدف إلى استعادة الثقة المفقودة بين الدول الأوروبية بعد سنوات من الخلاف حول الهجرة، مشيراً إلى أنه يسعى لتحقيق توازن بين التضامن والمسؤولية. وأضاف أن أوروبا تواجه ثلاثة تحديات رئيسية: ارتفاع العبور غير النظامي عبر المتوسط، واستقبال أكثر من أربعة ملايين لاجئ أوكراني، ثم محاولات روسيا وبيلاروسيا استخدام الهجرة كأداة لزعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي.
ورغم هذه التحديات، سجلت المفوضية تحسناً في الوضع العام، إذ تراجع عدد الوافدين غير النظاميين بنسبة 35% بين يوليوز 2024 ويونيو 2025. كما شددت على ضرورة أن تعود إيطاليا لتطبيق اتفاقية دبلن التي تُلزم الدولة الأولى التي يدخلها المهاجر بالنظر في طلب لجوئه، معتبرة أن احترام هذه القاعدة شرط أساسي لتمكينها من الاستفادة من آلية إعادة التوطين.
واختتم برونر تصريحه بالتأكيد على أن نجاح النظام الجديد يتوقف على الجمع بين روح التضامن والمسؤولية المشتركة، محذراً من أن الدول التي لا تلتزم بالقواعد الأساسية قد تُستبعد من الاستفادة من برامج إعادة توزيع المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي.
12/11/2025











