في ظلّ التحوّل التشريعي الكبير الذي تعرفه الطرق الإسبانية مع بداية 2026، يجد السائقون ، ومن بينهم المغاربة الذين يعبرون التراب الإسباني والمقيمون ، أنفسهم أمام إلزامية جديدة تتمثل في استعمال الشارة الضوئية المتصلة V16 بدل المثلث التقليدي الذي رافقهم لعقود. فابتداءً من فاتح يناير، ستصبح هذه الشارة الضوئية جزءًا من منظومة السلامة الطرقية، مع ما يرافق ذلك من غرامات ثقيلة قد تمتد إلى المسؤولية المدنية والجنائية، بل وحتى مساءلة شركات التأمين والمصنّعين أنفسهم.
ويأتي اعتماد هذا الجهاز بعد سلسلة من الحوادث التي أكدت قصور المثلث التقليدي، خصوصًا على الطرق السريعة ذات حركة المرور الكثيفة. وتعرض الشارة V16 ضوءًا محيطيًا أصفر بزاوية 360 درجة لمدة لا تقل عن نصف ساعة، فيما يرسل نظام الاتصال الفوري بيانات موقع السيارة تلقائيًا إلى منصة DGT 3.0، ما يسمح للسلطات بالتدخل بدقة وسرعة. هذا التوجه، كما تقرأه الأوساط المغربية، لا يقتصر على تحديث تقني، بل يعكس أيضًا تشددًا قانونيًا وسياسيًا داخل مدريد يهدف إلى ضبط الفوضى الطرقية عبر أدوات رقمية أكثر صرامة.
وتكشف دراسة جديدة صادرة عن «إمبولسو باي بونس» أن التشريع الجديد يخلق خمس دوائر من المخاطر القانونية التي قد يقع فيها السائقون عند عدم استخدام شارة V16. فالمسؤولية المدنية قد تتحول إلى عبء ثقيل إذا اعتُبر السائق مُهمِلًا، ما يفتح الباب أمام دعاوى وتعويضات مرتفعة. أما على مستوى التأمين، فشركات تغطية الأضرار بات بإمكانها رفض التعويض أو ممارسة «الرجوع» والمطالبة باسترجاع ما دفعته للضحايا.
وترتفع حدّة تبعات المخالفة إذا أدّى غياب الشارة إلى حوادث جسيمة، إذ قد تتابع السلطات السائق جنائيًا بتهمة التسبب في إصابات أو وفاة نتيجة الإهمال، مع احتمال الحكم بالسجن وسحب رخصة السياقة. وتُضاف إلى ذلك الغرامات الإدارية التي تتراوح بين 80 و200 يورو، والتي تشمل مالك المركبة لعدم تجهيزها بالشارة، والسائق لعدم استعمالها عند الضرورة.
أما الشركات المصنعة والمستوردة، فهي معرّضة لأقسى العقوبات، إذ قد تصل الغرامات إلى 100 مليون يورو إذا تبين أن الأجهزة غير مطابقة للمعايير الإسبانية، مع إمكانية توقيف النشاط لسنوات. كما أن شراء نماذج مزوّرة أو غير معتمدة، أو التلاعب بها، أو إهمال مراقبتها، يؤدي إلى سقوط «قرينة حسن النية»، ما يضع السائق في موقع ضعيف أمام القضاء.
وبهذا التشريع، تسير إسبانيا نحو رقمنة صارمة لبنيتها الطرقية، الأمر الذي يفرض على جميع السائقين —خصوصًا المغاربة الذين يعبرون نحو الثغرين المحتلين سبتة ومليلية أو يعودون سنويًا إلى المغرب عبر التراب الإسباني— الإسراع في اقتناء الشارة V16 قبل مطلع 2026 تفاديًا لغرامات مؤلمة ومسؤوليات قانونية معقدة قد تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد مخالفة سير بسيطة.
14/11/2025











