اعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخراً القرار رقم 2797 بشأن الصحراء، مروراً سلساً بفضل موقف روسيا التي لم تستخدم حق النقض، ما سمح للقرار الذي يدعم التفاوض على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي بالتمرير دون عراقيل. ويُرجع خبراء العلاقات الدولية هذا التوازن إلى سياسة دبلوماسية متدرجة تبنتها الرباط، حافظت من خلالها على علاقات قوية مع موسكو رغم التحولات الجيوسياسية العالمية، معتمدة نهج الحياد الإيجابي خلال الحرب في أوكرانيا، ما مكّن المغرب من الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع روسيا في ملفات متعددة دون الدخول في مواجهة مع الغرب.
ولم يقتصر الحياد المغربي على المواقف السياسية، بل تجلى عملياً في غياب التصويت على قرارات معينة للأمم المتحدة تتعلق بموسكو، إضافة إلى إبقاء المجال الجوي المغربي مفتوحاً أمام الطائرات المدنية الروسية، ما شكل منفذاً بديلاً آمناً في ظل غلق أوروبا لأجوائها أمام هذه الطائرات. كما ساهم المغرب في تخفيف الضغوط الاقتصادية الروسية من خلال زيادة وارداته من الغاز والديزل الروسيين، ما أكسبه ثقة موسكو كشريك موثوق قادر على ممارسة التعاون بعيداً عن التجاذبات السياسية.
وعلاوة على ذلك، امتدت الشراكة الثنائية لتشمل قطاع الصيد البحري عبر اتفاقية تسمح للسفن الروسية بالعمل في السواحل الأطلسية المغربية، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، ما عزز البعد الاقتصادي والاستراتيجي للتعاون بين البلدين. ويبدو جلياً أن استراتيجية المغرب المتوازنة، القائمة على البراغماتية والحياد الإيجابي، أثمرت نتائج ملموسة في المحافل الدولية، لاسيما في ملف الصحراء، مظهرة قدرة الرباط على توظيف التحولات الجيوسياسية لخدمة مصالحها الوطنية.
14/11/2025











