في خطوة تكشف حجم القلق الأمني الذي يعيشه جنوب إسبانيا، أعلن وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي-مارلاسكا عن تمديد الخطة الأمنية الخاصة بمنطقة حوض جبل طارق لسنة خامسة، مع رفع الموارد المالية والبشرية المخصصة لمحاربة شبكات المخدرات والجريمة المنظمة التي تنشط بقوة في المنطقة المقابلة للسواحل المغربية.
الوزير الإسباني قدّم هذا الإعلان خلال اجتماع مع قيادة الشرطة الوطنية، عقب زيارته لعون شرطة أصيب بجروح خطيرة خلال عملية لمكافحة تهريب المخدرات في بلدة “إيسلا مايور” بإقليم إشبيلية. ووصف مارلاسكا الشرطي الجريح بـ”البطل”، مشيرًا إلى أن الحكومة “لن تتراجع” في معركتها ضد العصابات.
مارلاسكا أكد أن الخطة الخاصة بحوض جبل طارق سيتم تمديدها حتى سنة 2027، مع رفع الاستثمارات إلى 200 مليون يورو وزيادة عدد عناصر الأمن بـ 16 في المائة.
وأوضح أن هذا البرنامج الأمني، الذي انطلق سنة 2018، أصبح يشمل تقريبًا كل السواحل والمناطق الأندلسية، بعدما تحول الجنوب إلى نقطة مواجهة دائمة مع شبكات تهريب المخدرات القادمة من الساحل الشمالي للمغرب.
وقال الوزير الإسباني إن “هذه أكبر تعبئة للموارد البشرية واللوجستية في تاريخ إسبانيا لمواجهة الجريمة المنظمة”، مشيرًا إلى أن مواجهة هذه العصابات “ستترك ندوبًا”، لكن الدولة “لن تتراجع عن حماية أمنها وحدودها”.
بالتزامن مع خطاب مارلاسكا، خرجت في إشبيلية احتجاجات لنقابات الشرطة والحرس المدني متهمة الحكومة بـ”التخلي المؤسسي” عن عناصر الأمن.
وانتقد المتظاهرون ما وصفوه بـ”ضعف الإطار القانوني” الذي يواجهون به “عصابات تزداد خطورة وقدرة على التسليح”، مطالبين بالاعتراف بمهنة الشرطة كمهنة ذات “خطر مهني” وما يترتب عن ذلك من حقوق تقاعدية.
يمثل هذا التمديد الجديد للخطة الأمنية الإسبانية جزءًا من التصعيد المستمر ضد شبكات التهريب في الجنوب، وهي شبكات ترتبط أحيانًا بمسارات تهريب قادمة من شمال المغرب.
ورغم التعاون الأمني الوثيق بين الرباط ومدريد في مجال مكافحة المخدرات، إلا أن الخطاب الإسباني الرسمي كثيرًا ما يُحمّل المنطقة المغاربية، خصوصًا شمال المغرب، مسؤولية تنامي النشاط الإجرامي في الضفة الأوروبية، وهو ما يُنظر إليه في المغرب باعتباره انتقائية سياسية تتجاهل مسؤولية الطلب الأوروبي الكبير على المخدرات.
كما يأتي إعلان مارلاسكا في سياق محاولات إسبانيا تعزيز حضورها الأمني في الأندلس واستعادة هيبة مؤسساتها بعد سلسلة من عمليات الإختطاف والاغتيال في منطقة مالقا والجزيرة الخضراء .
تمديد “الخطة الخاصة بحوض جبل طارق” حتى 2027 يؤكد أن الجنوب الإسباني يعيش حالة استنفار أمني طويل الأمد، وأن الحكومة الإسبانية تريد إرسال رسالة سياسية داخلية مفادها أنها متحكمة في الوضع.
لكن في المقابل، يظل تعاون المغرب عنصرًا رئيسيًا في أي نجاح حقيقي، وهو ما يجعل المقاربة الأمنية وحدها غير كافية ما لم تُعالج جذور التهريب عبر تنمية مشتركة على ضفتي المضيق.
14/11/2025











