مهرجان مراكش يرفع منسوب السينما السياسية ويمنح القضية الفلسطينية حضورا استثنائيا

تشهد المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورة هذا العام هيمنة لافتة للأعمال ذات البعد السياسي، إذ تتجه معظم الأفلام المتنافسة إلى تفكيك الذاكرة الجمعية ومساءلة السلطة والواقع الاجتماعي، في تعبير واضح عن التحول الذي يقوده جيل جديد من المخرجين الذين يرون في السينما مساحة للمواجهة بقدر ما هي فضاء للإبداع. وفي موازاة ذلك، تحضر القضية الفلسطينية بقوة داخل الفقرات الموازية، ما يمنح دورة 2025 روحا نضالية تتجاوز حدود العرض السينمائي التقليدي.

ويبرز ضمن هذه الأعمال فيلم “خلف أشجار النخيل” للمخرجة المغربية مريم بن مبارك، الذي يقدم معالجة جريئة للبنى السلطوية وإرث الطبقات المتجذر في التاريخ الاستعماري، من خلال حبكة نفسية مشدودة بالتوتر والأسئلة. كما يقدّم فيلم “الضوء الأول” للأسترالي جيمس روبنسون رحلة بصرية مكثفة لراهبة فلبينية تواجه انهيار منظومتها الأخلاقية وسط فساد متفاقم، بينما يعيد فيلم “قبل يوم مشرق” للتايواني شي هان تساو إحياء أجواء التوتر العسكري في تايوان سنة 1996. وتتقاطع السياسة والذاكرة العائلية في فيلم “ظل والدي” لأكينولا ديفيز جونيور، كما يستعيد فيلم “المغسلة” لزامو مخوانازي حلم شاب جنوب إفريقي يصطدم بجدار نظام الفصل العنصري. ولا تغيب الوثائقيات عن هذا المسار، عبر “ذاكرة” و“بابا والقذافي”، اللذين يشتبكان مع صدمات الطفولة المتصلة بتاريخ الشيشان وليبيا، إلى جانب فيلمي “أمويبا” و“إيش” اللذين يتناولان اليقظة السياسية لدى المراهقين في سياقات اجتماعية متحولة.

أما الحضور الفلسطيني فيبرُز ضمن برمجة غنية بأعمال تُعيد إضاءة المأساة الإنسانية اليومية تحت الاحتلال، إذ يقدّم فيلم “كان يا ما كان في غزة” للمخرجين طرزان وعرب ناصر رؤية غارقة في تفاصيل الحياة المحاصرة، بينما يستحضر فيلم “صوت هند رجب” لكوثر بن هنية قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب ذات الخمس سنوات التي قضت مع أفراد من عائلتها في قصف بغزة مطلع 2024. كما يحتفي المهرجان بفيلم “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر، وهو عمل ميلودرامي يعيد بناء لحظة تاريخية فارقة من مسار الشعب الفلسطيني، ليؤكد المهرجان التزامه الثقافي والإنساني تجاه إحدى أكثر القضايا إلحاحا في الوعي العربي والعالمي.