يشهد البرلمان الإسباني موجة جديدة من الجدل بعد تمكن الحزب الشعبي المحافظ من تمرير مقترح يدعو حكومة مدريد إلى التراجع عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء. ورغم أن الخطوة غير ملزمة من الناحية القانونية، إلا أنها تحمل دلالات سياسية واضحة، إذ تعكس رغبة المعارضة في إعادة فتح ملف حسمته الدولة الإسبانية رسميًا منذ سنة 2022 لصالح المبادرة المغربية.
ويأتي هذا التحرك في سياق سياسي داخلي مضطرب، تحاول فيه المعارضة استثمار كل الملفات الممكنة لمهاجمة الحكومة، حتى لو تعلق الأمر بقضية استراتيجية تمس استقرار العلاقات مع المغرب. فدعم مبادرة الحكم الذاتي لم يكن قرارًا معزولًا، بل ثمرة رؤية جديدة لمدريد تعتبر المغرب شريكًا محوريًا في الأمن والهجرة والاقتصاد، وتصف التعاون معه بأنه “استراتيجي ولا رجعة فيه”.
ويربط الحزب الشعبي بين قرار دعم المبادرة المغربية وبين توتر العلاقات مع الجزائر، في محاولة لتقديم المقترح على أنه دفاع عن “التوازن الإقليمي”. غير أن هذا الخطاب يتجاهل التحولات العميقة في المنطقة، والدعم الدولي المتزايد للحل المغربي، إضافة إلى أن جزءًا من التوتر كان مرتبطًا بتقلبات أسواق الطاقة أكثر مما هو سياسي.
كما أن تصويت حزب سومار اليساري مع المعارضة أظهر استمرار تيار داخل اليسار الإسباني في التمسك بمقاربات قديمة تجاه الصحراء، رغم تغير السياق الدولي وظهور قناعات جديدة لدى مؤسسات الدولة حول أهمية الاستقرار الإقليمي، ودور المغرب المركزي في تحقيقه.
ورغم الصخب السياسي في مدريد، تتعامل الرباط مع هذه المناورات بقدر كبير من الهدوء، مدركة أن القرار الرسمي الإسباني لم يتغير، وأن المقترح البرلماني ليس سوى حلقة جديدة في صراع داخلي بين حكومة سانشيث والمعارضة المحافظة. وفي النهاية، يبقى موقف الدولة الإسبانية ثابتًا كما سبق إعلانه: دعم المبادرة المغربية باعتبارها الحل الأكثر جدية وواقعية لإنهاء هذا النزاع المفتعل.
18/11/2025
