خطوة تخطيطية جديدة لإعادة تنظيم السكن في كبريات الجهات المغربية

أطلقت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مسارًا استراتيجيًا غير مسبوق لضبط نسق التوسع الحضري المتسارع، من خلال الشروع في إعداد “المخطط الجهوي للإسكان” بكل من جهتي الدار البيضاء–سطات والرباط–سلا–القنيطرة. وتأتي هذه الخطوة في إطار تنزيل التوجيهات الملكية المتعلقة بالجهوية المتقدمة وتعزيز فعالية السياسات العمومية، إلى جانب مواجهة الطلب المتزايد على السكن والخدمات بفعل ارتفاع وتيرة التحضر خلال العقدين الأخيرين.

وبغلاف مالي يصل إلى 6.4 ملايين درهم موزع بين الجهتين، يروم المخطط إرساء رؤية استراتيجية متكاملة ومشتركة لتنظيم التدخلات العمومية والخاصة في مجال السكن في أفق 2035. ويشمل المشروع دراسة شمولية تمتد إلى مختلف المدن والمراكز الحضرية والقروية دون استثناء، بهدف تحديد الطلب الحقيقي على السكن، وتحليل الإنتاج القائم، ورصد نسب الشغور، وتكييف العرض وفق المتغيرات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك الضغط العقاري وحاجيات الأسر الجديدة. كما يُتوقع أن يشكل هذا المخطط مرجعًا ملزمًا لوثائق التعمير الحالية والمستقبلية، بما يعزز الانسجام بين التخطيط المجالي والسياسات الإسكانية.

وترتكز الدراسة على ثلاث مراحل متكاملة تشمل تأطير المنهجية وإعداد قاعدة بيانات دقيقة عبر مقابلات مع مختلف المتدخلين المحليين، ثم إنجاز تشخيص شامل للسكن عبر مسح ميداني يعتمد نظم المعلومات الجغرافية لتحديد الاحتياطات العقارية الممكن تعبئتها، وصولًا إلى صياغة رؤية استراتيجية واضحة تمتد لعشر سنوات، تتضمن خارطة طريق دقيقة تحدد أدوار الفاعلين وآليات التمويل والتنفيذ. وتعزز الوزارة هذا المسار بنهج تشاركي يعتمد ورشات عمل واجتماعات تنسيقية لضمان الالتقائية والرفع من نجاعة المخطط، باعتباره أداة محورية لترسيخ العدالة المجالية وتعزيز التماسك الاجتماعي في جهتين تعدّان من الأكثر دينامية في المغرب.