عمّ الحزن مدينة تورّوخ بإقليم مالقا بعد الفاجعة التي أودت بحياة أربعة أفراد من أسرة رباح المغربية، إثر اختناقهم بغاز أحادي أكسيد الكربون داخل منزلهم المتواضع. وتفيد التحقيقات الأولية للحرس المدني بأن الحادث نجم عن “سوء احتراق” في سخان ماء يعمل بالغاز البوتان، جرى تركيبه حديثًا بدل السخان الكهربائي، وفي غياب تام للتهوية، ما جعل تراكم الغاز داخل المنزل سببًا مباشرًا في الوفاة خلال ساعات النوم.
وتعود تفاصيل المأساة إلى مساء الثلاثاء، حين لاحظ الجيران غياب الأسرة وعدم تجاوبها، فتم إبلاغ السلطات التي عثرت داخل المنزل على الأب سعيد رباح (53 عامًا) ممددًا في الصالون، والأم سعدية الطّبع (38 عامًا) في غرفة النوم، بينما وُجد ابناهما محمد (19 عامًا) ومصطفى (17 عامًا) جثتين هامدتين في الغرفة المجاورة. وتشير المعاينات إلى أن الوفاة حدثت قبل ساعات طويلة بفعل استنشاق غاز عديم اللون والرائحة.
وخلال دقيقة الصمت التي نُظمت بساحة الدستور صبيحة الأربعاء، أوضح رئيس بلدية تورّوخ، أوسكار مدينا، أن المؤشرات التقنية تُرجّح أن الوفاة ناجمة عن خلل في تركيب السخان، مؤكّدًا أن “المدينة تعيش يومًا أسود… والجميع مصدوم لرحيل هذه الأسرة التي عرفها الناس بطيبتها واحترامها”. ودعا مدينا السكان، وخاصة أفراد الجالية المغربية التي يفوق عددها ألف شخص بالبلدة، إلى اتخاذ مزيد من الاحتياطات في استعمال أجهزة الغاز.
وفي سياق ردود الفعل المحلية، قالت جليلة حيّون، رئيسة جمعية النساء “السلام”، إن البلدة بأكملها استيقظت “مكسورة وحزينة”، مشيرة إلى أن الأسرة كانت نموذجًا للاجتهاد وحسن السيرة. كما عبّر أحمد الغرباوي لحلال، رئيس الجالية المسلمة “المنصور”، عن تقديره لموجة التضامن الواسعة التي وصلت من مختلف أنحاء إسبانيا، قائلاً: “الهاتف لم يهدأ أمس… الجميع عبّر عن محبة ودعم كبيرين”.
وتُحذّر السلطات الإسبانية منذ سنوات من خطورة أحادي أكسيد الكربون، الذي يتسبب في نحو 125 وفاة سنويًا، مؤكدة ضرورة صيانة أجهزة الغاز باستمرار، وضمان التهوية الجيدة، واعتماد أجهزة استشعار للغاز لمنع تكرار مثل هذه المآسي.
وعبّر عبد الرحمن رباح، ابن عم الضحايا، عن امتنانه للتضامن الكبير الذي أحاط بهم، مؤكدًا أن الشاب مصطفى، الذي كان يلعب في مركز الظهير الأيمن لنادي CD Torrox، كان محبوبًا من الجميع، قبل أن يضيف بأسى: “توقّفت كرة القدم أمس… كان ذلك واجبًا. كانت الكرة شغفه إلى جانب الدراجات”.
وأكد أن رغبة العائلة هي دفن الضحايا في بلدهم الأصلي المغرب، مشيرًا إلى أن إجراءات نقل الجثامين انطلقت بالفعل عبر شركة الدفن. كما أوضح أن الأسرة عاشت في تورّوخ حوالي عشرين عامًا، وأن أحد الأبناء وُلد في إسبانيا، قبل أن يختم بشكر جميع من حضروا دقيقة الصمت ووقفوا معهم في هذا المصاب الجلل.
26/11/2025