تعيش وجدة منذ أشهر على وقع ملف عقاري شديد التعقيد، بطلُه مقاول يسمى صلاح الدين مومني ، برز اسمه فجأة في مشاريع ضخمة، رغم أن مساره المالي قبل سنوات كان مرادفاً للديون والضائقات. التحول السريع وغير المبرر في وضعه المالي أثار سيلاً من التساؤلات داخل المدينة، خاصة بعد تداول شهادات تؤكد أنه تمكن من نسج شبكة علاقات متينة داخل بعض المؤسسات العمومية، فتحت أمامه أبواباً لا تُفتح بسهولة أمام غيره.
المعطيات التي حصلت عليها “كواليس الريف” من مصادر متعددة تشير إلى أن أغلب المشاريع التي أشرف عليها هذا المقاول في وجدة والسعيدية وجماعة رأس الماء بالناظور ، تَضمّ خروقات تعمير خطيرة، جرى تمريرها ( وفق شهادات مهنيين ) تحت أنظار مسؤولين كانوا على علم بما يحدث.
مصادر مسؤولة تحدثت عن “تغول غير مسبوق” لمقاول واحد، أصبح يتحرك بثقة تفوق حجمه الحقيقي، وكأنه فوق المساءلة.
وأخطر ما يطفو على السطح يتعلق بتدفقات مالية غير مفهومة، وتحويلات بمبالغ ضخمة بين حسابات أشخاص، وعمليات بيع وشراء تمت عبر مكاتب يُشتبه أنها صورية، مع استعمال عقود عرفية للتفويت، بعيداً عن أعين الضرائب والرقابة. كل ذلك جعل كثيرين يعتقدون أن ما يجري يتجاوز مجرد مخالفات عقارية؛ وأن الأمر قد يرتبط بشبهات أكبر بكثير، من قبيل غسل أموال أو تهرب ضريبي أو استغلال نفوذ ممنهج.
اللافت أن المقاول المعني ظل، في كل محطة مثيرة للجدل، يخرج سالماً من المتابعات أو الشكايات التي استهدفته، خصوصاً تلك المرتبطة بمشاكل الجمعيات والوداديات السكنية. هذا “الخروج الدائم من العاصفة” غذّى اعتقاداً واسعاً بأنّ هناك من يحميه، أو على الأقل يغضّ الطرف عن تجاوزاته المحتملة، حيث أغرق العديد من الأبرياء في السجون بطرق إحتيالية ، ما عزّز الانطباع بأنّ المنطقة قد تكون تحت تأثير لوبي خفي يتحكم في مفاصل العقار والتعمير.
أصوات كثيرة بدأت تطالب بفتح تحقيق جنائي واسع، يشمل مسار الأموال والممتلكات، والوثائق الإدارية، والعلاقات التي ينسجها هذا المقاول داخل المؤسسات، لفكّ الخيوط المتشابكة التي تحيط بهذا الملف، وإماطة اللثام عن الجهة أو الجهات التي تمنحه قوة تجعله قادراً على المرور بين العواصف دون أن يبتلّ.
ويبقى السؤال الأكثر تردداً في وجدة هو: كيف تمكن مقاول واحد من الوصول إلى هذا الحجم من النفوذ؟ ومن الجهة التي تقف وراء حمايته… أو تستفيد من وجوده؟
04/12/2025